المبسوط - السرخسي - ج ٢٢ - الصفحة ١٨
بكر محمد بن أبي سهل السرخسي رحمه الله إملاء المضاربة مشتقة من الضرب في الأرض وإنما سمى به لان المضارب يستحق الربح بسعيه وعمله فهو شريكه في الربح ورأس مال الضرب في الأرض والتصرف وأهل المدينة يسمون هذا العقد مقارضه وذلك مروي عن عثمان رضي الله عنه فإنه دفع إلى رجل مالا مقارضة وهو مشتق من القرض وهو القطع فصاحب المال قطع هذا القدر من المال عن تصرفه وجعل التصرف فيه إلى العامل بهذا العقد فسمى به وإنما اخترنا اللفظ الأول لأنه موافق لما في كتاب الله تعالى قال الله تعالى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله يعنى السفر للتجارة * وجواز هذا العقد عرف باسنة والاجماع فمن السنة ما روى أن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه كان إذا دفع مالا مضاربة شرط على المضارب أن لا يسلك به بحرا وان لا ينزل واديا ولا يشترى به ذات كبد رطب فان فعل ذلك ضمن فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فاستحسنه وكان حكيم بن حزام رضي الله عنه إذا دفع مالا مضاربة شرط مثل هذا وروى أن عبد الله وعبيد الله ابنا عمر رضي الله عنهم قدما العراق ونزلا على أبي موسى رضي الله عنه فقال لو كان عندي فضل مال لأكرمتكما ولكن عندي مال من مال بيت المال فابتاعا به فإذا قدمتما المدينة فادفعاه إلى أمير المؤمنين رضي الله عنه ولكما ربحه ففعلا ذلك فلما قدما على عمر رضي الله عنه أخبراه بذلك فقال هذا مال المسلمين فربحه للمسلمين فسكت عبد الله وقال عبيد الله لا سبيل لك إلى هذا فان المال لو هلك كنت تضمننا قال بعض الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين اجعلهما بمنزلة المضاربين لهما نصف الربح وللمسلمين نصفه فاستصوبه عمر رضي الله عنه وعن القاسم بن محمد قال كان لنا مال في يد عائشة رضي الله عنهما وكانت تدفعه مضاربة فبارك الله لنا فيه لسعيها وكان عمر رضي الله عنه يدفع مال اليتم مضاربة على ما روى محمد رحمه الله وبدا به الكتاب عن حميد بن عبد الله بن عبيد الأنصاري عن أبيه عن جده أن عمر رضي الله عنه أعطاه مال يتيم مضاربة وقال لا أدرى كيف كان الشرط بينهما فعمل به بالعراق وكان بالحجاز اليتيم كان يقاسم عمر رضي الله عنه بالربح وفيه دليل جواز المضاربة بمال اليتيم وان للامام ولاية النظر في مال اليتامى وان للمضارب والأب والوصي المسافرة بمال اليتيم في طريق آمن أو مخوف بعد أن كانت القوافل متصلة فقد كان عمر رضي الله عنه أعطى زيد بن خليدة رضي الله عنه مالا مضاربة فأسلمه إلى عتريس بن عرقوب
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الغصب في الرهن 2
2 باب جناية الرهن في الحفر 9
3 كتاب المضاربة 17
4 باب اشتراط بعض الربح لغيرهما 29
5 باب المضاربة بالعروض 33
6 باب ما يجوز للمضارب في المضاربة 38
7 باب شراء المضارب وبيعه 48
8 باب نفقة المضارب 62
9 باب المرابحة في المضاربة 73
10 باب الاختلاف بين المضارب ورب المال 79
11 باب المضارب يبيع المال ثم يشتر به لنفسه بأقل من ذلك 81
12 باب عمل رب المال مع المضارب 83
13 باب المضارب يدفع المال مضاربة 98
14 باب قسمة رب المال والمضارب 105
15 باب عتق المضارب ودعواه الحط 109
16 باب جناية العبد في المضاربة والجناية عليه 118
17 باب ما يجوز للمضارب أن يفعله وما لا يجوز 122
18 باب مضاربة أهل الكفر 125
19 باب الشركة في المضاربة 131
20 باب اقرار المضارب بالمضاربة في المرض 140
21 باب الشفعة في المضاربة 145
22 باب الشروط في المضاربة 149
23 باب المرابحة بين المضارب ورب المال 153
24 باب ضمان المضارب 157
25 باب المرابحة في المضاربة بين المضاربين 158
26 باب دعوى المضارب ورب المال 163
27 باب ضياع مال المضاربة قبل الشراء أو بعده 168
28 باب المضارب يأمره رب المال بالاستدانة على المضاربة 178
29 باب الشهادة في المضاربة 185