المبسوط - السرخسي - ج ٢٠ - الصفحة ١٣٤
نهاية في الخيرية * وأما السنة فما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم صالح أهل مكة عام الحديبية على وضع الحرب بينه وبينهم عشر سنين ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فرأى رجلين يتنازعان في ثوب فقال لأحدهما هل لك إلى الشطر هل لك إلى الثلثين فدعاهما إلى الصلح وما كان يدعوهما الا إلى عقد جائز وقال النبي صلى الله عليه وسلم الصلح جائز بين المسلمين الا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما وهكذا كتب علي رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه كل صلح جائز بين الناس الا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما وهذا اللفظ من الأول لكتاب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري قد اشتهر فيما بين الصحابة رضوان الله عليهم فما ذكر فيه فهو كالمجمع عليه منهم وبظاهر هذا الاستثناء استدل الشافعي رحمه الله لابطال الصلح على الانكار فإنه صلح حرم حلالا لان المدعى إن كان محقا كان أخذ المال حلالا له قبل الصلح وحرم بالصلح وإن كان مبطلا فقد كان أخذ المال على الدعوى الباطلة حراما عليه قبل الصلح فهو صلح حرم حلالا وأحل حراما ولكنا نقول ليس المراد هذا فان الصلح عن الاقرار لا يخلو عن هذا أيضا لان الصلح في العادة يقع على بعض الحق فما زاد على المأخوذ إلى تمام الحق كان حلالا للمدعى أخذه قبل الصلح وحرم بالصلح وكان حراما على المدعى عليه منعه قبل الصلح وحل بالصلح فعرفنا أن المراد غير هذا والصلح الذي حرم حلالا وهو أن يصالح احدى زوجتيه على أن لا يطأ الأخرى أو يصالح زوجته على أن لا يطأ جاريته والصلح الذي أحل حراما هو أن يصالح على خمر أو خنزير وهذا النوع من الصلح باطل عندنا وحمله على هذا أولى لان الحرام المطلق ما هو حرام لعينه والحلال المطلق ما هو حلال لعينه (ثم ذكر عن علي كرم الله وجهه) انه أتى في شئ فقال إنه لجور ولولا أنه صلح لرددته وفيه دليل جواز الصلح ومعنى قوله لجور أي هو مائل عما يقتضيه الحكم أو عما يستقر عليه اجتهادي من حكم الحادثة والجور هو الميل قال الله تعالى ومنها جائر أي مائل وفيه قال إن الصلح على خلاف مقتضى الحكم جائز بين الخصمين لأنه يعتمد التراضي منهما وبالتراضي ينعقد بينهما السبب الموجب لنقل حق أحدهما إلى الآخر بعوض أو بغير عوض فهذا لم يرده علي رضي الله عنه وذكر عن شريح رحمه الله أنه قال أيما امرأة صولحت على ثمنها لم يتبين لها كم ترك زوجها فتلك الريبة وفى بعض الروايات الريبة ومعنى اللفظ الأول الشك يعنى إذا لم يتبين لها كم ترك زوجها فذلك يوقعها في الشك لعل نصيبها أكثر مما أخذت وقوله
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الكفالة بالنفس والوكالة بالخصومة 2
2 باب الكفالة عن الصبيان والمماليك 11
3 باب الكفالة بالمال 27
4 باب كفالة الرهط بعضهم عن بعض 34
5 باب الكفالة على أن المكفول عنه برئ 46
6 باب ضمان ما يبايع به الرجل 50
7 باب الحوالة 52
8 باب الأمر بنقد المال 55
9 باب صلح الكفالة 58
10 باب الكفالة والحوالة إلى أجل 67
11 باب الأمر بالضمان 72
12 باب تكفيل القاضي في الدعوى 75
13 باب ما يصدق فيه الدافع من قضاء الدين 81
14 باب ادعاء الكفيل أن المال من ثمن خمر أو ربا 85
15 باب الحبس في الدين 88
16 باب الابراء والهبة للكفيل 91
17 باب اقرار أحد الكفيلين بأن المال عليه 93
18 باب بطلان المال عن الكفيل من غير أداء ولا ابراء 96
19 باب الحلف في الكفالة 101
20 باب الكفالة بما لا يجوز 102
21 باب كتاب القاضي إلى القاضي في الكفالة 111
22 باب الشهادة واليمين في الحوالة والكفالة 113
23 باب كفالة الرجلين على شرط لزوم المال الخ 119
24 باب الكفالة بالأعيان 120
25 باب من الكفالة أيضا 126
26 كتاب الصلح 133
27 باب الصلح في العقار 139
28 باب الصلح في الشفعة 163
29 باب الصلح الفاسد 164
30 باب المهايأة 170
31 باب صلح الأب والوصي والوارث 178