المبسوط - السرخسي - ج ١٩ - الصفحة ٨٤
وكل الذمي المسلم ان يرهن له عبدا ذميا بخمر أو يرهن له خمرا بدراهم فان أضافه الوكيل إلى الآمر وأخبر به على وجه الرسالة صح لان صحة تبليغ الرسالة ينبنى على صحة العبادة ولا يصير الرسول عاقدا وكان هذا وما لو بلغه كتابا كتب به الآمر سواء وان قال أقرضني لم يكن رهنا لأنه عاقد لنفسه والمسلم لا يعقد علي الآمر بالخمر استقراضا ولا رهنا بها بالدين لان الرهن يكون مضمونا للراهن على المرتهن ولا يجوز أن تكون الخمر مضمونة للمسلم على الذمي وإذا قال لرجل ائت فلانا وقل له أقرضني ألف درهم وامسك هذا العبد عندك رهنا بها فلما خرج من عنده أشهد أنه قد أخرجه من الوكالة فلم يبلغ ذلك الوكيل حتى رهن العبد فان الرهن جائز لما بينا ان حكم الخطاب لا يثبت في حق المخاطب حتى يبلغه وهو خاطبه بالعزل والنهى عن تبليغ الرسالة فلما لم يبلغه لم يثبت ذلك في حقه فلهذا جاز رهنه وان أرسل إليه بذلك رسولا أو كتب إليه كتابا فرهنه بذلك لم يجز يعنى إذا وصل إليه لان حكمه يثبت في حقه بالوصول إليه فإن لم يصدقهما المرتهن بذلك فالقول قوله لأنه متمسك بما هو الأصل وهو ثبوت الوكالة حتى يظهر العزل إلا أن يقيم البينة على أن الرسول قد أبلغه اخراجه من الوكالة قبل أن يرهنه فحينئذ يجعل الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة قال وإن كان رب العبد باعه أو أعتقه أو دبره أو كاتبه أو رهنه أو سلمه ولم يعلم به الوكيل حتى رهنه فالرهن باطل لأنه بما أحدث من التصرف خرج المحل من أن يكون محلا للرهن أو أخرج نفسه من أن يكون مالكا فيه التصرف الذي فوضه إلى الوكيل فيتضمن عزل الوكيل حكما والعزل الحكمي لا يتوقف على العلم بل ثبوته لضرورة ثبوت ذلك الحكم قال وإن كان الموكل رهنه ثم افتكه ولم يعلم به الوكيل حتى رهنه لم يجز رهنه لان مقصود الموكل قد تم بما باشره بنفسه وبالانفكاك لا ينفسخ رهنه من الأصل بل يتقرر حكمه لان الرهن إنما يعقد إلى وقت الفكاك فكان الفكاك تقديرا لا فسخا فلهذا لا يملك ان يرهنه بعد ذلك بخلاف ما إذا وكل ببيعه ثم باعه بنفسه ثم انفسخ بيعه من الأصل بسبب فالوكيل على وكالته لان مقصود الآمر لم يتم بما صنع ولان بانفساخه من الأصل صار ذلك العقد كأن لم يكن وكذلك إذا وكل الآمر آخر برهنه فرهنه فقد خرج الأول من الوكالة لان فعل وكيله له كفعله بنفسه وإن كان الأول رهنه ثم وكل المولى برهنه رجلا ثم افتكه المولى ثم رهنه الثاني فهو جائز لان التوكيل لما حصل في حال لا يملك مباشرة الرهن بنفسه عرفنا ان مقصوده إضافة التوكيل إلى حال
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست