المبسوط - السرخسي - ج ١٩ - الصفحة ٤٢
وان بقيت جهالة فهي يسيرة مستدركة والمتأخرون من مشايخنا رحمهم الله يقولون في ديارنا لا يجوز الا ببيان المحلة لان الدور في كل محلة تتفاوت في القيمة وتوجد بما سمى له من الثمن الدار في كل محلة ومقصود الآمر يختلف باختلاف المحال فلهذا لا يجوز الا بتسمية المحلة قال وإذا كان الصبي حرا مسلما وأبوه ذميا أو حربيا ارتد عن الذمة ولحق بدار الحرب أو مستأمنا أو مكاتبا أو عبدا لم يجز توكيل أحدهم عليه ببيع ولا شراء ولا تزويج ولا خصومة لان التوكيل بالتصرف إنما يصح ممن يباشر التصرف بنفسه وملك الأب مباشرة التصرف في حق ولده بولايته عليه والرق واختلاف الدين وتباين الدارين حقيقة وحكما مانع من ثبوت ولايته عليه فان أسلم أو عتق بعد ذلك أجيز ما منع منه لان ولايته بعد الاسلام والعتق تثبت مقصورة على الحال فلا يؤثر في تنفيذ تصرفه سبق ثبوت ولايته وإن كان الأب مرتدا عن الاسلام لم يجز توكيله عليه أيضا الا ان يسلم فان أسلم جاز لان تصرفه في حق نفسه يتوقف بين أن ينفذ بالاسلام أو يبطل إذا قتل على ردته فكذلك في حق عليه والولد الكبير إذا كان ذاهب العقل بمنزلة الصبي فيما ذكرنا لأنه عاجز عن التصرف لانعدام عقله فكان مولى عليه كالصبي قال وإذا وكل أب الصبي وكيلا ببيع متاع الصبي ووارثه الأب بطلت الوكالة الا عند زفر رحمه الله فإنه يقول ثبوت الوكالة باعتبار ملك الموكل لذلك التصرف وقد بقي ذلك بعد موت الصبي وازداد بتقرر ملك الأب في المحل لكنا نقول الأب في هذا التوكيل كان نائبا عن الصبي وقد انتهت هذه النيابة بموت الصبي * وتوضيحه أن الأب بهذه الوكالة إنما رضى بزوال ملك الصبي ورضاه بزوال ملك لا يكون رضا بزوال ملك نفسه فإذا صار الملك له بالإرث بطلت الوكالة وكذلك أن مات الأب ولم يمت الصبي لان رأى الأب قد انقطع بموته وتصرف الوكيل كان باعتبار رأى الموكل ونفاذ ولايته وكذلك لو زال عقل الأب أو ارتد ولحق بدار الحرب وقضى القاضي بلحاقه لان ولايته قد زالت بهذه الأسباب حتى لا يملك ابتداء التوكيل فان أسلم لم يعد الوكالة بمنزلة وكالته بالتصرف في حق نفسه وقد بينا أن بردة الموكل تبطل الوكالة على وجه لا يعود باسلامه في رواية هذا الكتاب وكذلك في توكيله بالتصرف لولده قال وإذا وكل رجل رجلين ببيع شئ أو شرائه أو تزويج امرأة بعينها أو بغير عينها أو بخلع أو بمكاتبة أو عتق على مال ففعله أحدهما لم يجز لأن هذه التصرفات يحتاج فيها إلى الرأي والتدبير ورضاه برأي المسمى لا يكون الا برأي الواحد ويستوي فيه أن يكون الموكل
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست