المبسوط - السرخسي - ج ١٩ - الصفحة ٣٦
قلنا الحوالة ابراء المشترى بتحويل الحق إلى ذمة المحال عليه فلا يجوز عند أبي يوسف رحمه الله لأنه تصرف في حق الموكل بخلاف ما أمره به ويجوز عندهما ويكون الوكيل ضامنا كما لو أبرأه بغير حوالة وعلى هذا لو حط البائع عن المشترى بعض الثمن بعيب أو بغير عيب فإن كان قال له ما صنعت من شئ فهو جائز فهذا من صنعه فيجوز في حق الآمر وإن لم يقل له فهو جائز في حق المشتري ويكون الوكيل ضامنا في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله ولا يجوز في قول أبى يوسف رحمه الله اعتبارا للبعض بالكل وكذلك لو اشترى الوكيل من المشترى بالثمن متاعا أو كان الثمن دنانير فاخذ منه بها دراهم أو صالح من الثمن على متاع فذلك كله جائز في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله في حق الوكيل ويكون ضامنا الثمن للموكل وعند أبي يوسف رحمه الله لا يجوز شئ مما صنع في براءة المشترى والثمن على المشترى على حاله ولو قبض من الثمن بعضه واشترى ببعضه متاعا كان مؤتمنا فيما يقبض من الثمن بعينه كما لو قبض الكل ويكون ضامنا حصة ما اشترى به الآمر كما لو اشترى الكل وهذا لان ثمن المشترى وجب عليه ثم صار قاضيا بالثمن دين نفسه بطريق المقاصة وان هلك المشترى قبل أن يقبضه لم يضمن المشترى ثمنه للامر لان بهلاك المبيع قبل القبض انفسخ البيع من الأصل وكان سقوط الثمن عن المشترى بانفساخ السبب لا للمقاصة بالثمن الذي هو للآمر قال وللوكيل بالبيع أن يبيع بقليل الثمن وكثيره وبأي جنس شاء من الأجناس للأموال في قول أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله لا يجوز بيعه الا بالنقد بما يتغابن الناس في مثله وحجتهما في ذلك أن مطلق الوكالة يتقيد بالمعتاد والبيع بالغبن الفاحش ليس بمعتاد فلا ينصرف التوكيل إليه بمنزلة التوكيل بالشراء ثم البيع بالمحاباة الفاحشة بيع فيه هبة ولهذا لو حصل من المريض كان معتبرا من ثلثه وهو وكيل بالبيع دون الهبة (ألا ترى) أن الأب والوصي لا يملكان البيع بالمحاباة الفاحشة لهذا وأما البيع بالعروض فبيع من وجه شراه من وجه وهو وكيل بمطلق البيع ومطلق البيع يكون بالنقد دون العروض (ألا ترى) ان الوكيل بالشراء لا يشتري للآمر الا بالنقد وأبو حنيفة رحمه الله يقول هو مأمور بمطلق البيع وقد أتى ببيع مطلق لان البيع اسم لمبادلة مال بمال وذلك يوجد في البيع بالعروض كما يوجد في البيع بالنقود ولكن من البيع ليتضمن الشراء ولا يخرج به من أن يكون بيعا مطلقا لا يضمن الشراء في جانب العروض لا في جانب المبيع وأمره كان باعتبار المبيع والعقد فيه بيع مطلق وكذلك البيع بالمحاباة فما من جزء
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست