المبسوط - السرخسي - ج ١٩ - الصفحة ١٧٣
الاجل مشروطا في العقد لا يصير من العقد ولكن تأثيره في تأخير المطالبة ويجوز تأخير المطالبة إلى هذه كما في الكفالة فان قيل ما يقولون فيما إذا تزوج امرأة بصداق مؤجل إلى هذا الاجل فان الصداق يحتمل الجهالة المتقاربة ثم لا يصح اشتراط هذه الآجال فيه قلنا جواب هذا الفصل غير مذكور في الكتب وبين مشايخنا رحمهم الله فيه خلاف والأصح عندي أنه تثبت هذه الآجال في الصداق لأنه لا شك ان اشتراط هذه الآجال لا يؤثر في أصل النكاح بخلاف البيع فيبقى هذا أجلا في الدين المستحق بالعقد لان في العقد والمهر تحتمل جهاله الصفة فجهالة الاجل أولى ومن يقول لا يثبت تحول ما هو المعقود عليه في النكاح وهو المرأة لا يحتمل الجهالة فكذلك الاجل المشروط فيه بخلاف الكفالة وكذلك لو قال الكفالة إلى العطاء أو إلى الرزق أو إلى صوم النصارى أو فطرهم فهذا كله جائز بأجل وان كانت فيه جهالة مستدركة ولو قال إلى أن يقدم المكفول به من سفره لان قدوم المكفول به من سفره منتشر لتسليم نفسه إلى خصمه والتأجيل إلى أن ينتشر التسليم صحيح بخلاف ما لو قال إلى قدوم فلان غير المكفول به لان ذلك غير منتشر لتسليم ما التزمه فيكون تعليقا للكفالة بالشرط المحض وذلك باطل كما لو علقه بدخول الدار أو كلام زيد وهذا لأنه إنما يحتمل التعليق ما يجوز ان يحلف به كالطلاق والعتاق ويعنى بقولنا باطل ان الشرط باطل فاما الكفالة فصحيحة لان الكفالة لا تبطل بالشروط الفاسدة كالنكاح ونحوه وعلى هذا لو كفل به إلى أن تمطر السماء أو إلى أن يمس السماء فالكفالة جائزة والأجل باطل لان ما ذكره ليس من الآجال المعروفة بين التجار ولان الاجل بذكر الزمان في المستقبل ولا يحصل ذلك بهذا اللفظ لجواز ان يتصل هبوب الريح وأمطار السماء بالكفالة فيبقى شرطا فسادا فلا تبطل به الكفالة فاما ما ذكر من الحصاد والدياس فذكر زمان في المستقبل لا بالعلم إذ زمان الدياس ليس زمان الحصاد فيصح ذلك على وجه التأجيل ولو قال إنا كفيل بنفس هذا إلى قدوم فلان وذلك معه في الدين عليهما جازت الكفالة إلى هذا الاجل لان اشتراط قدومه لينتشر الامر عليه يتمكن الطالب من استيفاء الدين منه فكان هذا وما لو شرط قدوم المكفول بنفسه سواء ولو قال رجل لقوم اشهدوا انى كفيل لفلان بنفس فلان والطالب غائب فقد بينا ان انشاء الكفالة بهذه الصفة لا يجوز عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وسواء أجازه الطالب أو لم يجزه فان قال الطالب حين حضر قد كنت كفلت لي به قبل ذلك وأنا حاضر وإنما كان هذا اللفظ اقرارا منك بالكفالة وقال
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست