المبسوط - السرخسي - ج ١٧ - الصفحة ٤٩
أن الأب مات على دينه وأن ميراثه له فالقول قول المسلم) لأنه يخبر بأمر ديني وهو وجوب الصلاة عليه ووجوب دفنه في مقابر المسلمين والدعاء له بالخير وخبر الواحد في أمور الدين حجة كما لو روي خبرا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا صلينا عليه فقد حكمنا باسلامه عند موته وذلك يمنع كون ميراثه للابن الكافر فلهذا قضينا بالميراث للابن المسلم ولما ترجح جانبه بهذا السبب كان بمنزلة ترجح جانبه بشهادة الظاهر له والقول قوله مع يمينه على ما ادعاه خصمه وأيهما أقام البينة على ما ادعاه وجب قبول بينته لأنه نور دعواه بها والبينة العادلة لا تعارضها الدعوى ممن شهد له الظاهر أولا يشهد فان أقاما جميعا البينة فالبينة بينة المسلم عندنا وقال الشافعي رحمه الله تبطل البينات للمنافات بينهما كما هو أصله لان كل واحد منهما يدعى خلافة الميت عن أمواله ملكا وفي دعوى الملك لا تترجح البينة بالدين كما لو ادعى كافر ومسلم ملكا في يد ثالث فأقام كل واحد منهما البينة لا يترجح المسلم ولنا أن احدى الحجتين توجب اسلام الميت عند موته والأخرى توجب كفره فيترجح الموت الموجب للاسلام كالمولود بين مسلم وكافر يجعل مسلما عملا بقوله صلى الله عليه وسلم الاسلام يعلو ولا يعلا عليه ولأنه لا بد من الصلاة لان هذا الحكم ثبت بخبر الواحد فكيف لا يثبت بالحجة وان وقع التعارض بين البينتين بقي خبر المدعي بالاسلام حجة في الصلاة عليه وذلك يوجب ترجيح بينة المسلم وانقطاع منازعة الكافر عن ميراثه فان (قيل) من أصلكم أن البينة تترجح بزيادة الاثبات وبالحاجة إليها وهذا في بينة الكافر لان المسلم متمسك بما هو الأصل وهو أن من كان في دار الاسلام فالظاهر أنه مسلم ولا حاجة به إلى البينة لأنا جعلنا القول قوله فينبغي ان تترجح بينة الآخر (قلنا) موضوع هذه المسألة فيما إذا كان الأب في الأصل كافرا فان أحد وارثيه مقر على الكفر ولا يقر الولد الآخر على الكفر بخلاف ما إذا كان الأب في الأصل مسلما لأنه حينئذ إذا يكون مرتدا وإذا كان في الأصل كافرا فشهود الكافر يتمسكون بالأصل وشهود المسلم يثبتون اسلامه العارض فكان زيادة الاثبات من هذا الجانب وإنما جعلنا القول قوله عند عدم البينة لا للتمسك بالأصل بل لاخباره بأمر ديني ولو كان شهود الذمي مسلمين وشهود المسلم ذميين جعلتها للمسلم أيضا لان كل واحد منهما أقام من الحجة ما هو حجة على خصمه فكان هذا بمنزلة ما لو كان الفريقان مسلمين وهذه المسائل إنما تنبنى على قولنا ان شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض مقبولة ولا تقبل على المسلمين اعتبارا بالولاية وعند ابن أبي ليلى رحمه الله كذلك إذا اتفقت مللهم وان
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الرجوع عن الشهادة في الطلاق والنكاح 2
2 باب الرجوع عن الشهادة أيضا 8
3 الرجوع عن الشهادة في النسب والولاء والمواريث 16
4 باب الرجوع عن الشهادة على الشهادة 19
5 باب الرجوع عن الشهادة في الحدود وغيرها 22
6 باب من الرجوع أيضا 27
7 كتاب الدعوى 28
8 باب الدعوى في الميراث 40
9 باب شهادة أهل الذمة في الميراث 48
10 باب اختلاف الأوقات في الدعوى وغير ذلك 54
11 باب الدعوى في النتاج 63
12 باب الشهادة في الولادة والنسب 79
13 باب دعوى الرهط في الدار 83
14 باب دعوى الحائط والطريق 87
15 باب الدعوى في شئ واحد من وجهين 96
16 باب ادعاء الولد 98
17 باب الحميل والمملوك والكافر 118
18 باب نفى الولد من زوجة مملوكة وغيرها 135
19 باب دعوى البائع أيضا وغيره 139
20 باب دعوى احدى الإماء 142
21 باب دعوى القرابة 146
22 باب اقرار المرض بالولد 151
23 باب دعوى الولد من الزنا والنكاح الصحيح 154
24 باب الولادة والشهادة عليها 161
25 باب دعوى العتاق 170
26 باب الغرور 176
27 كتاب الاقرار 184
28 باب اقرار المفاوضة بالدين 194
29 باب الاقرار لما في البطن 196
30 باب الخيار 198