المبسوط - السرخسي - ج ١٧ - الصفحة ٣٥
عثمان رضي الله عنه وبه نقول ومن حيث المعنى اما طريقان أحدهما أن حق المدعى قبل المدعى عليه هو الجواب وهو جواب يوصله إلى حقه وهو الاقرار فإذا فوت عليه ذلك بإنكاره حوله الشرع إلى اليمين خلفا عن أصل حقه فإذا منعه الحلف يعود إليه أصل حقه لأنه لا يتمكن من منع الحلف شرعا الا بإيفاء ما هو أصل الحق وهذا الطريق علي قولهما وأنهما يجعلان النكول بمنزلة الاقرار والطريق الآخر أن الدعوة لما صحت من المدعي يخير المدعا عليه بين بدل المال وبين اليمين فإذا امتنع منهما وأحدهما تجرى فيه النيابة دون الآخر ناب القاضي منابه فيما تجري فيه النيابة وهذا لان تمكنه من المنازعة شرعا بشرط ان يحلف فإذا أبى ذلك صار تاركا للمنازعة بتفويت شرطها فكأنه قال لا أنازعك في هذا المال فيتمكن المدعى من أخذه لأنه يدعيه ولا منازع له فيه وهذا الطريق على أصل أبي حنيفة رحمه الله حيث جعل النكول بدلا ولا عبرة للاحتمال في النكول لان الشرع ألزمه التورع عن اليمين الكاذبة دون الترفع عن الصادقة فيترجح هذا الجانب في نكوله ولأنه لا يتمكن من الترفع عن اليمين الا ببدل المال فإنه إنما يرتفع ملتزما الضرر على نفسه لا ملحقا الضرر بالغير بمنع الحق والذي قال من شهادة الظاهر للمدعى عند نكول المدعى عليه لا يكون ذلك الا بترجح جانب الصدق في دعوى المدعي وذلك موجب للقضاء ثم اليمين مشروعة للنفي لا للاثبات وحاجة المدعي إلى الاثبات فلا تكون اليمين حجة له هذا معنى تعليل محمد رحمه الله لا أحول اليمين عن موضعه وهذا لأنها في النفي لا توجب النفي حتى تقبل بينة المدعى بعد يمين المدعى عليه ففي غير موضعه وهو الاثبات أولى أن لا يوجب الاثبات والشهادات للاثبات ثم لا يستحق المدعى بشهادته لنفسه شيئا بحال فلأن لا يستحق بيمينه لنفسه وهو في غير موضع الاثبات كان أولي وإذا تنازع رجلان في دار كل واحد منهما يدعى أنها في يده فعلى كل واحد منهما البينة لان دعوى اليد مقصودة كما أن دعوى الملك مقصودة لان باليد يتوصل إلى الانتفاع بالملك والتصرف فيه فان أقام كل واحد منهما البينة انها في يديه جعل يد كل واحد منهما نصفها لتعارض البينتين وتساويهما فالمساواة في سبب الاستحقاق توجب المساواة في الاستحقاق فإن كان المدعي قابلا للاشتراك يقضى لكل واحد منها بالنصف لمعنى الضيق والمزاحمة في المحل قال فإذا أقام أحدهما البينة أنها له قضيت بها له لأنه استحق بالبينة الملك فيما في يد صاحبه ولم يعامله صحابه بمثله ولا منافاة بين القضاء باليد لصاحبه والملك له بالبينة وقد كان أصحابنا رحمهم الله يقولون إذا قال المدعى هذا
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الرجوع عن الشهادة في الطلاق والنكاح 2
2 باب الرجوع عن الشهادة أيضا 8
3 الرجوع عن الشهادة في النسب والولاء والمواريث 16
4 باب الرجوع عن الشهادة على الشهادة 19
5 باب الرجوع عن الشهادة في الحدود وغيرها 22
6 باب من الرجوع أيضا 27
7 كتاب الدعوى 28
8 باب الدعوى في الميراث 40
9 باب شهادة أهل الذمة في الميراث 48
10 باب اختلاف الأوقات في الدعوى وغير ذلك 54
11 باب الدعوى في النتاج 63
12 باب الشهادة في الولادة والنسب 79
13 باب دعوى الرهط في الدار 83
14 باب دعوى الحائط والطريق 87
15 باب الدعوى في شئ واحد من وجهين 96
16 باب ادعاء الولد 98
17 باب الحميل والمملوك والكافر 118
18 باب نفى الولد من زوجة مملوكة وغيرها 135
19 باب دعوى البائع أيضا وغيره 139
20 باب دعوى احدى الإماء 142
21 باب دعوى القرابة 146
22 باب اقرار المرض بالولد 151
23 باب دعوى الولد من الزنا والنكاح الصحيح 154
24 باب الولادة والشهادة عليها 161
25 باب دعوى العتاق 170
26 باب الغرور 176
27 كتاب الاقرار 184
28 باب اقرار المفاوضة بالدين 194
29 باب الاقرار لما في البطن 196
30 باب الخيار 198