المبسوط - السرخسي - ج ١٧ - الصفحة ٢١
شهادة شاهدين فقضى به القاضي ثم إن الشاهدين الأولين أتيا القاضي فقالا لم نشهدهم على شهادتنا فقضاء القاضي ماض على حاله لان انكارهما الاشهاد خبر متمثل بين الكذب والصدق فلا يبطل قضاء القاضي كما لو شهدا بأنفسهما وقضى القاضي ثم رجعا ولكن لا ضمان عليهما هنا لأنهما ينكران سبب الاتلاف وهو الاشهاد على شهادتهما ولو قال كنا أشهدناهم على شهادتنا ولكنا رجعنا عن ذلك فكذلك الجواب عند أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله هما ضامنان للمال لان الفرعين قاما مقامهما في نقل شهادتهما إلى مجلس القاضي فاما القضاء حصل بشهادة الأصلين ولهذا تعتبر عدالتهما فكأنهم حضرا بأنفسهما وشهدا ثم رجعا فيلزمهما الضمان وهما قال الموجود منهما شهادة في غير مجلس القضاء والشهادة في غير مجلس القضاء لا تكون سببا لاتلاف شئ فلا يلزمهما الضمان وان رجعا عن ذلك لان الشهادة تختص بمجلس القضاء كالرجوع وقد بينا أن الرجوع في غير مجلس القضاء لا يوجب الضمان على الشهود فكذلك الشهادة في غير مجلس القضاء ولا نقول أن الفروع نائبون عن الأصول في نقل شهادتهم إلى مجلس القاضي فإنهم بعد الاشهاد لو منعوهم عن أداء الشهادة كان عليهم الأداء إذا طلب المدعى ولو كانوا نائبين عن الأصول لما كان لهم ذلك إذا منعهم الأصول عن الأداء ولكنهم يشهدون على ما تحملوا وهو اشهاد الأصول إياهم على شهادتهم ولو شهدوا على الحق بعينه ما كانوا نائبين فيه عن أحد فكذلك إذا شهدوا على شهادة الأصول ولو رجع الفروع والأصول جميعا فالضمان على الفروع خاصة في قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله لما بينا أن سبب الاتلاف الشهادة القائمة في مجلس القاضي وإنما وجد ذلك من الفروع دون الأصول فالضمان عليهم عند الرجوع وعند محمد رحمه الله المشهود عليه بالخيار ان شاء ضمن الفروع وان شاء ضمن الأصول لان كل واحد من الفريقين لو رجع وحده كان ضامنا للمال المقضى به عند محمد رحمه الله فإذا رجع الفريقان يجعل في حق كل فريق كأنه هو المنفرد بالرجوع ويتخير المشهود عليه لأنه لا يجانس بين شهادة الفريقين فقد كانت شهادة الأصول على أصل الحق وشهادة الفروع على شهادة الأصول ولا مجانسة بينهما ليجعل الكل في حكم شهادة واحدة فيكون الضمان عليهم جميعا بل يجعل كل فريق كالمنفرد للمشهود عليه بالخيار يضمن أي الفريقين شاء كالغاصب مع غاصب الغاصب للمغصوب منه أن يضمن أيهما شاء والله أعلم
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الرجوع عن الشهادة في الطلاق والنكاح 2
2 باب الرجوع عن الشهادة أيضا 8
3 الرجوع عن الشهادة في النسب والولاء والمواريث 16
4 باب الرجوع عن الشهادة على الشهادة 19
5 باب الرجوع عن الشهادة في الحدود وغيرها 22
6 باب من الرجوع أيضا 27
7 كتاب الدعوى 28
8 باب الدعوى في الميراث 40
9 باب شهادة أهل الذمة في الميراث 48
10 باب اختلاف الأوقات في الدعوى وغير ذلك 54
11 باب الدعوى في النتاج 63
12 باب الشهادة في الولادة والنسب 79
13 باب دعوى الرهط في الدار 83
14 باب دعوى الحائط والطريق 87
15 باب الدعوى في شئ واحد من وجهين 96
16 باب ادعاء الولد 98
17 باب الحميل والمملوك والكافر 118
18 باب نفى الولد من زوجة مملوكة وغيرها 135
19 باب دعوى البائع أيضا وغيره 139
20 باب دعوى احدى الإماء 142
21 باب دعوى القرابة 146
22 باب اقرار المرض بالولد 151
23 باب دعوى الولد من الزنا والنكاح الصحيح 154
24 باب الولادة والشهادة عليها 161
25 باب دعوى العتاق 170
26 باب الغرور 176
27 كتاب الاقرار 184
28 باب اقرار المفاوضة بالدين 194
29 باب الاقرار لما في البطن 196
30 باب الخيار 198