المبسوط - السرخسي - ج ١٧ - الصفحة ١٩١
لأنه لا حق له في مال المولى وله ذمة معتبرة في ايجاب الدين لمولاه فيكون ضامنا غصبه منه والعبد فيما يغصب من مولاه مأمور بالرد عليه ولكنه غير ضامن لان للعبد ذمة معتبرة في ايجاب الدين فيها للمولى فان الدين لا يجب على العبد الا شاغلا مالية رقبته ومالية حق مولاه ولو قال غصبتك هذا العبد أمس إن شاء الله تعالى لم يلزمه شئ استحسانا وفي القياس استثناؤه باطل لان ذكر الاستثناء بمنزلة الشرط وذلك أنما يصح في الانشاءات دون الاخبارات ولكنه استحسن فقال الاستثناء يخرج الكلام من أن يكون عزيمة إلا أن يكون في معنى الشرط فان الله تعالى أخبر عن موسى عليه السلام حيث قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولم يصبر على ذلك والوعد من الأنبياء عليهم السلام كالعهد من غيرهم فدل أن الاستثناء مخرج للكلام من أن يكون عزيمة وقال صلى الله عليه وسلم من استثنى فله ثنياه والاقرار لا يكون ملزما الا كلام هو عزيمة لكن إنما يعمل هذا الاستثناء إذا كان موصولا بالكلام لا إذا كان مفصولا الا علي قول ابن عباس رضي الله عنه فإنه قال يعمل بالاستثناء وإن كان مفصولا استدلالا بقوله صلى الله عليه وسلم لأغزون قريشا ثم قال بعد سنة إن شاء الله تعالى ولنا نقول الاستثناء مخرج لكلامه من أن يكون عزيمة فكان مغير الموجب مطلق الكلام والتعبير إنما يصح موصولا بالكلام لا مفصولا فإنه بمنزلة الفسخ والتبديل والمقر لا يملك ذلك في اقراره فكذلك لا يملك الاستثناء المفصول وهذا بخلاف الرجوع من الاقرار فإنه لا يصح وإن كان موصولا لان رجوعه نفى لما أثبته فكان تناقضا منه والتناقض لا يصح مفصولا كان أو موصولا اما هذا بيان فيه تعبير فان الكلام نوعان لغو وعزيمة فبالاستثناء تبين أن كلامه ليس بعزيمة وبيان التعبير لا يصح موصولا لا مفصولا بمنزلة التعليق بالشرط فإنه متبين ان صدر كلامه لم يكن ايقاعا بعد أن كان ظاهرا مقتضيا للايقاع فصح ذلك موصولا لا مفصولا وأما الحديث قلنا قوله صلى الله عليه وسلم بعد سنة إن شاء الله تعالى لم يكن علي وجه الاستثناء إنما كان على وجه الامتثال لما أمر به قال الله تعالى واذكر ربك إذا نسيت ولو قال غصبتك هذا العبد أمس الا نصفه صدق فيه لان الكلام إذا قيد بالاستثناء يصير عبارة عما وراء المستثنى لا أن يكون رجوعا عن القدر المستثنى قال الله تعالى فلبث فيهم الف سنة الا خمسين عاما معناه تسعمائة وخمسين فأما لو جعلناه في معنى الرجوع كان ذلك قولا بالغلط فما أخبر الله تعالى به حتى تداركه بالاستثناء وذلك لا يجوز ثم هذا بيان فيه تعتير لان صدر كلامه
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الرجوع عن الشهادة في الطلاق والنكاح 2
2 باب الرجوع عن الشهادة أيضا 8
3 الرجوع عن الشهادة في النسب والولاء والمواريث 16
4 باب الرجوع عن الشهادة على الشهادة 19
5 باب الرجوع عن الشهادة في الحدود وغيرها 22
6 باب من الرجوع أيضا 27
7 كتاب الدعوى 28
8 باب الدعوى في الميراث 40
9 باب شهادة أهل الذمة في الميراث 48
10 باب اختلاف الأوقات في الدعوى وغير ذلك 54
11 باب الدعوى في النتاج 63
12 باب الشهادة في الولادة والنسب 79
13 باب دعوى الرهط في الدار 83
14 باب دعوى الحائط والطريق 87
15 باب الدعوى في شئ واحد من وجهين 96
16 باب ادعاء الولد 98
17 باب الحميل والمملوك والكافر 118
18 باب نفى الولد من زوجة مملوكة وغيرها 135
19 باب دعوى البائع أيضا وغيره 139
20 باب دعوى احدى الإماء 142
21 باب دعوى القرابة 146
22 باب اقرار المرض بالولد 151
23 باب دعوى الولد من الزنا والنكاح الصحيح 154
24 باب الولادة والشهادة عليها 161
25 باب دعوى العتاق 170
26 باب الغرور 176
27 كتاب الاقرار 184
28 باب اقرار المفاوضة بالدين 194
29 باب الاقرار لما في البطن 196
30 باب الخيار 198