المبسوط - السرخسي - ج ١٥ - الصفحة ١٧٦
استأجرها للركوب في المصر وان تكاراها إلى واسط يعلفها ذاهبا وجائيا فركبها حتى أتى واسط فلما رجع حمل عليها رجلا معه فعطبت فعليه أجر مثلها في الذهاب لان الاستئجار بعلفها فاسد لجهالة الاجر وقد استوفى منفعتها بعقد فاسد فعليه أجر مثلها في الذهاب ونصف أجر مثلها في الرجوع لأنه استوفي في الرجوع منفعة نصفها وهو ما شغلها بركوب نفسه فلذلك يلزمه نصف أجر المثل وقد ذكر قبل هذا في الإجارة الصحيحة أنه إذا ركبها وأردف فعليه جميع المسمى ومن أصحابنا رحمه الله من يقول لان في الإجارة الصحيحة يجب الاجر بمجرد التمكن وفي الفاسد لا يجب الاجر الا باستيفاء المنفعة ولهذا يلزمه بقدر ما استوفى (قال) رضي الله عنه وهذا ليس بقوى عندي في الموضعين جميعا فبالتمكن من الاستيفاء يجب أجر المثل وفي العقد الصحيح لا يعتبر التمكن فيما شغله بركوب غيره ولكن الصحيح أنه لا فرق في الحقيقة إنما يجب أجر المثل بحسب ما استوفى من المنفعة فيتضاعف أجر مثلها إذا أردف فإذا أوجبنا عليه نصف أجر مثلها فقد أوجبنا من أجر المثل جميع ما يخص ركوبه وكذلك عند صحة العقد فان جميع المسمى هناك بمقابلة ركوبه فهو نظير نصف أجر المثل هنا ثم يكون ضامنا نصف قيمة الدابة وان حمل عليها متاعا معه فهو ضامن بقدر ما زاد لأنه مخالف له في ذلك ويحسب ما علفها به لأنه علفها باذن صاحبها فيستوجب الرجوع به عليه ويكون قصاصا بما استوجب عليه صاحبها من الأجرة وان تكارى دابة عشرة أيام كل يوم بدرهم فحبسها ولم يركبها حتى ردها يوم العاشر قال يسع صاحبها أن يأخذ الكراء وإن كان يعلم أنه لم يركبها لأنه أتى بما يستحقها بما هو المستحق عليه بالعقد وهو تسليم الدابة إليه وتمكينها من ركوبها في المدة فيطيب له الاجر كالمرأة إذا سلمت نفسها إلى زوجها طاب لها جميع الصداق وان كانت تعلم أن زوجها لم يطأها وان تكاراها يوما واحدا فلا أجر عليه فيما حبسها بعد ذلك وان أنفق عليها فهو متطوع في ذلك إلا أن يكون بأمر صاحبها ولو تكارى دابة لعروس تزف عليها إلى بيت زوجها فحبس الدابة حتى أصبح ثم ردها ولا يركب فلا كراء عليه لأنه لم يوجد تسليم المعقود عليه فالمعقود عليه خطوات الدابة في الطريق لنقل العروس وذلك لا يوجد عند حبس الدابة في البيت وان حملوا عليها غير العروس فان تكاراها العروس بعينها فهو ضامن ولا كراء عليه لأنه غاصب مخالف وان تكاراها لعروس بغير عينها فلا ضمان عليه وعليه الكراء استحسانا لان المستحق بالعقد قد استوفى والتعيين في الانتهاء كالتعيين في الابتداء وان تكاراها على
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»
الفهرست