المبسوط - السرخسي - ج ١٥ - الصفحة ١٧٢
فيه بالقياس وربما يكون من ذلك الموضع إلى منزله من المسافة مثل ما سمى أو أكثر ولا يستحق على سبيل الورام مثل المسمى في العقد أو فوقه فيقال له كما اكتريت من هذا الموضع إلى الموضع الذي سميت فاكتر الدابة من هذا الموضع إلى منزلك وان استأجرها إلى مكان معلوم ولم يسم ما يحمل عليها فان اختصموا رددت الإجارة لجهالة المعقود عليه وان حمل عليها أو ركبها إلى ذلك المكان فعليه المسمى استحسانا لان التعيين في الانتهاء كالتعيين في الابتداء وقد قررنا هذا في الثوب وكذلك لو استأجر عبدا ولم يسم ما استأجره له وإذا سمى ما يحمل على الدابة فحمل عليها غير ذلك فهذه المسألة على أربعة أوجه وقد بيناها في كتاب العارية فالإجارة في ذلك كله قياس العارية إلا أن في كل موضع ذكرنا هناك أنه لا يصير ضامنا فالاجر واجب عليه هنا وفي كل موضع ذكرنا هناك أنه يكون ضمان فلا أجر عليه هنا لأنه غاصب غير مستوف للمعقود عليه فان المقصود عليه يختلف باختلاف المحمول وان اختلفا فقال رب الدابة أكريتك من الكوفة إلى القصر بعشرة دراهم وقال المستأجرين إلى بغداد بعشرة دراهم ولم يركبها تحالفا وترادا لان الإجارة في احتمال الفسخ قبل استيفاء المنفعة كالبيع فالنص الوارد بالتحالف في البيع يكون واردا في الإجارة وان أقام البينة ففي قول أبي حنيفة الأول رحمه لله يقضى بالكوفة إلى بغداد بخمسة عشر درهما وهو قول زفر رحمه الله ثم رجع وقال إلى بغداد بعشرة دراهم وهو قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله * وجه قوله الأول أن رب الدابة أثبت ببينته العقد من الكوفة إلى القصر بعشرة دراهم فوجب القضاء بذلك ببينته والمستأجر ببينته أثبت العقد من القصر إلى بغداد بخمسة دراهم فوجب قبول بينته على ذلك فإذا عملنا بالبينتين كانت له من الكوفة إلى بغداد بخمسة عشر درهما * وجه قوله الاخر أنهما اتفقا على مقدار الاجر وإنما اختلفا في مقدار المعقود عليه فالمستأجر يثبت الزيادة في ذلك فكانت بينته أولى بالقبول كما لو أقام المستأجر البينة أنه زاده عقبه الأجير في الكراء إلى مكة وان تكارى دابة بسرج ليركب عليها فحمل عليها إكافا فركبها فهو ضامن بقدر ما زاد وفي الجامع الصغير قال هو ضامن جميع قيمتها في قول أبي حنيفة رحمه الله وفي قولهما يضمن بقدر ما زاد * وجه قولهما أن الحمار يركب تارة بسرج وتارة بإكاف والتفاوت بينهما من حيث الثقل والخفة ما كان في كل واحد منهما عادة وفي مثله الضمان بقدر الزيادة كما لو استأجرها ليحمل عليها عشرة مخاتيم حنطة فحمل عليها أحد عشر مختوما وأبو حنيفة رحمه الله
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست