المبسوط - السرخسي - ج ١٥ - الصفحة ١١٩
فمنفعة كل عضو على حسب ما يليق به وهكذا ذكر ابن سماعة عن محمد رحمهما الله فإنه قال استحقاق لبن الآدمية بعقد الإجارة دليل على أنه لا يجوز بيعه وجواز بيع لبن الانعام دليل على أنه لا يجوز استحقاقه بعقد الإجارة وقد ذكر في الكتاب انها لو ربت الصغير بلبن الانعام لا يستحق الاجر وقد قامت بمصالحه فلو كان اللبن تبعا ولم يكن الاجر بمقابلته لاستوجبت الاجر ثم بدأ الباب بحديث زيد بن علي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ترضع لكم الحمقاء فان اللبن يفسد وهو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فان اللبن في حكم جزء من عينها لأنه يتولد منها فتؤثر فيه حماقتها ويظهر أثر في ذلك الرضيع لما للغذاء من الأثر ونظيره ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا ترضع لكم سيئة الخلق وإذا استأجر ظئرا ترضع صبيا له سنتين حتى تفطمه باجر معلوم فهو جائز لان استأجرها بعمل معلوم ببدل معلوم وطعامها وكسوتها على نفسها لأنها شرطت عليهم الاجر المسمى بمقابلة عملها ففيما سوى ذلك حالها بعد العقد كما قبل العقد وترضعه في بيتها ان شاءت وليس عليها أن ترضعه في بيت أبيه لأنها بالعقد التزمت فعل الارضاع وما التزمت المقام في بيتهم وهي تقدر على ايفاء ما التزمت في بيت نفسها فان اشترطت كسوتها كل سنة ثلاثة أثواب زطية واشترطت عند الفطام دراهم مسماة وقطيفة ومسحا وفراشا فذلك جائز استحسانا عند أبي حنيفة رحمه الله في هذا الموضع خاصة دون سائر الإجارات وفي قول أبى يوسف ومحمد والشافعي رحمهم الله لا يجوز وهو القياس وكذلك أن اشترطت عليهم طعاما فهو على هذا الخلاف * وجه القياس ان هذا عقد إجارة فلا يصح الا باعلام الأجرة كما في سائر الإجارات والطعام مجهول الجنس والمقدار والصفة والكسوة كذلك وهذه الجهالة تمنع صحة التسمية كما في سائر الإجارات لأنها تفضى إلى المنازعة فكذلك هنا وهذا قياس يشده الأثر وهو قوله صلى الله عليه وسلم من استأجر أجيرا فليعلمه أجره فان أقامت العمل فلها أجر مثلها لأنها وفت المعقود عليه بحكم عقد فاسد إلا أن يسموا لها ثيابا معلومة الجنس والطول والعرض والرقعة ويضربوا لذلك أجلا ويسموا لها كل يوم كيلا من الدقيق معلوما فحينئذ يجوز كما في سائر الإجارات والبيوع وأبو حنيفة رحمه الله استدل بقوله تعالى وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف يعنى أجرا على الارضاع بعد الطلاق (ألا ترى) أنه قال وعلى الوارث مثل ذلك وذلك أجر الرضاع لا نفقة النكاح ولان الناس تعارفوا بهذا العقد بهذه الصفة وليس
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست