المبسوط - السرخسي - ج ١٥ - الصفحة ٩
الواحد إذا فسد في بعض المعقود عليه فسد في الكل ولكنا استحسنا وجوزنا هذا لمعينين (أحدهما) أنهم ميزوا البناء عن الأرض في هذه القسمة حين خالفوا بينهما في طريق القسمة فاعتبروا في الأرض المعادلة في المساحة وفى البناء المعادلة في القيمة فصار بمنزلة أرضين يقسم كل واحدة منهما قسمة على حدة وفى ذلك تصح القسمة في إحديهما قبل ظهور المساحة في الأخرى فكذلك هنا تجوز القسمة في الأرض قبل أن يظهر قيمة البناء (والثاني) أن حكم القسمة في الأرض لا يتم بالمساحة ولكن يتوقف تمام القسمة فيها على معرفة قيمة البناء وقسمتها بالقيمة لا تتم القسمة الا بعد ظهور المعادلة في الكل ومعرفة كل واحد من الشركاء نصيبه وإنما يعتبر حال تمام العقد وإذا كان يتم في المعلوم لم تضرهم الجهالة في الابتداء كما لو اشترى أحد الثياب الثلاثة على أنه بالخيار يأخذ أيهما شاء ويسمى لكل واحد ثمنا وإذا كانت الدار ميراثا بين قوم حضور كبار تصادقوا عند القاضي عليها وأرادوا القسمة بها فان فعلوا ذلك عن تراضى منهم لم يمنعهم القاضي من ذلك لان هذا تصرف منهم فيما بقي في أيديهم بطريق مشروع ولو تصرفوا في ذلك ببيع أو هبة لم يمنعوا منه فكذلك بالقسمة وان سألوا القاضي أن يقسمها بينهم فان أبا حنيفة قال القاضي لا يقسم العقار بينهم باقرارهم حتى تقوم البينة على أصل الميراث وقال أبو يوسف ومحمد يقسمها بينهم ويشهد أنه قسمها باقرارهم وقضى بذلك عليهم دون غيرهم لان اليد فيها لهم ومن في يده شئ فقوله مقبول فيه ما لم يحضر خصم ينازعه في ذلك وليس هنا خصم ينازعهم فلا حاجة لهم إلى إقامة البينة لاثبات ملكهم فيها وإذا كان الملك ثابتا لهم بقولهم إنما سألوا القاضي أن يقسم بينهم ملكهم فعليه أن يجيبهم إلى ذلك كما لو زعموا أن الدار مملوكة لهم ولم يذكروا ميراثا ولا غيره وسألوه أن يقسمها بينهم قسمهم القاضي بطلبهم وأشهدوا أنه قضى بذلك عليهم دون غيرهم نظرا منه لغائب عسى يحضر فيدعى لنفسه فيها حقا فكذلك هنا والدليل عليه انه لو كانت في أيديهم عروض أو منقول سوى العقار فأقروا انها ميراث بينهم وطلبوا قسمتها قسمها القاضي باقرارهم واشهد على أنه قسمها باقرارهم لاعتبار يدهم فكذلك في العقار لان اليد تثبت على العقار كما تثبت على المنقول وكذلك لو كان في أيديهم دار فأقروا أنها دارهم اشتروها من فلان الغائب وسألوا القاضي قسمتها أجابهم القاضي إلى ذلك بهذا الطريق فكذلك في الميراث إذ لا فرق بينهما لأنهم في الموضعين أقروا بأصل الملك لغيرهم ثم أخبروا بانتقال الملك إليهم بسبب محتمل مشروع فإذا جاز له أن يعتمد القسمة
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»
الفهرست