المبسوط - السرخسي - ج ١٥ - الصفحة ٥٠
الغاصب قيمة الولد رجع به على المغصوب من رواية عن أبي يوسف ولم يرو عن غيره خلافه لان المغصوب منه في تضمين القيمة هناك مختار فإنه كان متمكنا من أن يصبر حتى تطهر الجارية فيتحقق الغرور من جهته حين ملكها من الغاصب بضمان القيمة ولو وقعت القسمة في دارين أو أرضين وأخذ كل واحد منهما أحدهما ثم استحقت إحداهما بعد ما بنى فيها صاحبها رجع علي صاحبه بنصف قيمة البناء قيل هذا قول أبي حنيفة رحمه الله بناء علي أصله ان قسمة الجبر لا تجرى في الدور والأراضي بهذه الصفة وعلى قولهما تجرى قسمه الجبر فيها فهذا والدار الواحدة عندهما سواء (قال) رحمه الله والأصح عندي ان هذا قولهم جميعا لأنهما ما أطلقا الجواب في قسمة الجبر في الدور ولكن قال إن رأى القاضي المصلحة في أن يقسمها قسمة واحدة فله ذلك وهما أقدما على القسمة قبل أن يري القاضي المصلحة في ذلك فيكون هذا معاوضة بينهما عن اختيار منهما والغرور بمثله يثبت فيرجع على صاحبه بنصف قيمة البناء لان نصف الموضع الذي بنى فيه أخذه بقديم ملكه ونصفه بالمعاوضة وكذلك أن اقتسما جاريتين فوطئ أحدهما الجارية التي أخذها فولدت له ثم استحقت وضمن قيمة الولد رجع علي صاحبه بنصف قيمة الولد وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله لان قسمة الجبر عنده لا تجري في الرقيق فتكون هذه معاوضة بينهما عن اختيار فاما عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله قسمة الجبر تجرى في الرقيق فلا يتحقق معنى الغرور ولا يرجع على صاحبه بشئ من قيمة الولد ويكون له نصف الجارية التي في يد شريكه لان القسمة قد بطلت باستحقاق نصيب أحدهما فإن كان باعها ضمنه نصف قيمتها لأنها كانت مقبوضة بقسمة فاسدة فنفذ بيعه فيها ويضمن لصاحبه قيمة حصته منها وذلك النصف وكذلك إذا اقتسما منزلين متفرقين في دار واحدة فقد بينا ان المنازل المتفرقة في حكم القسمة كالدور المتفرقة فإن كان القاضي قسم الدور المختلفة بين الشركاء وجمع نصيب كل واحد منهم في دار على حدة وأجبرهم على ذلك فبنى أحدهم في الدار التي أصابته ثم استحقت وهدم بناؤه لم يرجع على شركائه بقيمة البناء لان القاضي حين رأى جمعها في القسمة صارت كدار واحدة فان معنى الغرور في الدار الواحدة إنما ينعدم باعتبار ان القاضي يجبر الشركاء على ذلك وقد تحقق ذلك هنا بما رآه القاضي فينعدم الغرور به فلهذا لا يرجع على شركائه بشئ من قيمة البناء وإذا اقتسما الرجلان دارين فاخذ أحدهما دارا والآخر دارا فبنى أحدهما في الدار التي أخذها وهدم وأنفق ثم استحق من الأخرى موضع جذع في حائط أو مسيل ماء
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست