المبسوط - السرخسي - ج ١٥ - الصفحة ٢٤
مقصورة ثم يمر في ذلك الطريق المشترك فله إذ كان الدار والمقصورة واحدا لان الكل في حكم منزل واحد وإن كان ساكن المقصورة غير ساكن الدار لم يكن له ذلك لأنهما منزلان وكما أنه ليس لساكن الدار أن يتطرق في هذا الطريق من داره فكذلك لا يكون له أن يتطرق فيه من المقصورة لان لصاحب المقصورة أن يرضى بتطرقه فما هو خالص ملكه وهو المقصورة ولا يعتبر رضاه بذلك في ملك الغير وهو الطريق وفرق بين هذا وبين الشرب فان من له أرض بجنب نهر شربها من ذلك النهر إذا اشترى بجنب أرضه أرضا أخرى وأراد أن يسقى الأرض الأخرى من هذا النهر باجراء الماء في أرضه لم يكن له ذلك وفى الطريق له ذلك إذا كان ساكن الدار والمقصورة واحدا لان هناك يستوفى من الماء فوق حقه فان حقه في هذا النهر مقدار ما يسقى به أرضه فإذا سقى به أرضين فهو يستوفى أكثر من حقه فيمنع من ذلك وفى الطريق هو الذي يتطرق سواء دخل المقصورة فقط أو يحول من المقصورة إلى الدار فلهذا لا يمنع من ذلك إذا كان ساكن الدار والمقصورة واحدا وإذا اقتسم الرجلان دارا فأخذ أحدهما طائفة وفي نصيب الآخر ظلة على الطريق وكنيف شارع فالقسمة في هذا كالبيع وقد بينا في كتاب الشفعة ان كنيف الشارع بدخل في بيع الدار سواء ذكر الحقوق والمرافق أو لم يذكر والظلة عند أبي حنيفة لا يدخل الا بذكر الحقوق والمرافق وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله يدخل إذا كان مفتحها في الدار سواء ذكر الحقوق والمرافق أولم يذكر فكذلك في القسمة فان هدم أهل الطريق تلك الظلة لم تنتقض القسمة لأنه إنما استحق البناء بالقسمة أما الأرض من طريق المسلمين وإنما يستحق بالقسمة ما كان مشتركا بينهم قبل القسمة والمشترك البناء دون الأرض ولا يرجع على شريكه بشئ لأنهما كانا يعلمان أن الظلة على الطريق فان لهم منها نفس البناء لاحق القرار وذلك سالم له وإذا اقتسما دارا فلما وقعت الحدود بينهما إذا أحدهما لا طريق له ولا يقدر على طريق فالقسمة مردودة لأنها وقعت على الضرر والمقصود تحصين كل واحد منهما بالانتفاع بملكه لا قطع ملك المنفعة عند وقد تبين أن في هذه القسمة قطع منفعة الملك عن أحدهما فكانت مردودة وإن كان له حائط يقدر على أن يفتح بابا يمر فيه رجل ولا تمر فيه الحمولة فالقسمة جائزة لتمكنه من الانتفاع بنصيبه بالتطرق إليه من هذا الجانب فالأصل في الطريق مرور الناس فيه فاما مرور الحمولة فيه لا يكون الا نادرا ويتعذر ذلك لا يمتنع عليه استيفاء ما هو المقصود وان كانت بحيث لا يمر فيه رجل فليس هذا بطريق ولا تجوز القسمة
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست