المبسوط - السرخسي - ج ١٥ - الصفحة ١٢٧
وبزاقه يكون طاهرا ولان المنفصل من اجزاء الحي إنما يتنجس باعتبار الموت ولا حياة في اللبن ولا يحله الموت ولان المستحيل من الغذاء إلى فساد ونتن رائحة يكون نجسا واللبن ليس بهذه الصفة فلهذا كان طاهرا وان أجرت الظئر نفسها من قوم آخرين ترضع لهم صبيا ولا يعلم أهلها الأولون بذلك فأرضعت حتى فرغت فإنها قد أثمت وهذه جناية منها لان منافعها صارت مستحقة للأولين فإنها بمنزلة الأجير الخاص فصرف تلك المنافع إلى الآخرين يكون جناية منها ولها الاجر كاملا على الفريقين لأنها حصلت مقصود الفريقين ولا تتصدق بشئ منه لان ما اخذت من كل فريق إنما أخذته عوضا عن ملكها فان منافعها مملوكة لها ولا بأس بأن يستأجر المسلم الظئر الكافرة أو التي قد ولدت من الفجور لان خبث الكفر في اعتقادها دون لبنها والأنبياء عليهم السلام والرسل صلوات الله عليهم فيهم من أرضع بلبن الكوافر وكذلك فجورها لا يؤثر في لبنها فان استأجرها ترضع صبيا له في بيتها فدفعته إلى خادمها فأرضعته حتى انقضى الاجل ولم ترضعه بنفسها فلها أجرها لأنها التزمت فعل الارضاع فلا يتعين عليها مباشرته بنفسها فسواء أقامت بنفسها أو بخادمها فقد حصل مقصود أهل الصبي وكذلك لو أرضعته حولا ثم يبس لبنها فأرضعت خادمها حولا آخر فلها الاجر كاملا وكذلك لو كانت ترضعه هي وخادمها فلها الاجر تاما ولا شئ لخادمها لان المنافع لا تتقوم الا بالتسمية ففيما زاد على المشروط لا تسمية في حقها ولا في حق خادمها ولو يبس لبنها فاستأجرت له ظئرا كان عليه الاجر المشروط ولها الاجر كاملا استحسانا وفي القياس لا أجر لها لأنها بمنزلة أجير الخاص وليس للأجير الخاص أن يستأجر غيره لإقامة العمل وفي الاستحسان لها الاجر لان المقصود تربية الصبي بلبن الجنس وقد حصل ولان مدة الرضاع تطول فلما استأجروها مع علمهم انها قد تمرض أو يبس لبنها في بعض المدة فقد رضوا منها بالاستئجار لتحصيل مقصودهم وتتصدق بالفضل لان هذا ربح حصل لا على ضمانها ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن وإذا استأجر امرأته على ارضاع ولده منها فلا أجر لها عندنا وقال الشافعي رحمه الله لها الاجر لأنه استأجرها لعمل غير مستحق عليها بالنكاح حتى لا تطالب به ولا تجبر عليه إذا امتنعت فيصح الاستئجار كالخياطة وغيرها من الاعمال والنفقة مستحقة لها بالنكاح لا بمقابلة الارضاع بدليل انها وان أبت الارضاع كان لها النفقة فهو نظير نفقة الا رقاب لا تكون مانعة من صحة الاستئجار على الارضاع (وحجتنا) في ذلك قوله
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»
الفهرست