المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ٩٤
للجار الملاصق فاما الجار المحاذي فلا شفعة له بالمجاورة سواء كان أقرب بابا أو أبعد وإنما يعتبر قرب الباب في التقديم في الشفعة على ما روى أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن لي جارين فإلى أيهما أبر قال صلى الله عليه وسلم إلى أقربهما منك بابا وهذا لان اطلاعه واطلاع أولاده على ما يدخل منزله من النعمة أكثر فهو بالهدية أحق وهذا تأويل ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في الهدايا ابدأوا بجارنا اليهودي فاما في الشفعة فالمعتبر هو القرب واتصال أحد الملكين بالآخر وذلك في الجار الملاصق دون الجار المحاذي فان بين الملكين طريقا نافذا وذكر عن علي وابن عباس رضي الله عنهما قال لا شفعة إلا لشريك لم يقاسم وهذا قول أهل المدينة وليس يأخذ به أهل الكوفة إلا أنه قد رجع إليه ابن أبي ليلى فإنه كان في الابتداء يقضى بالشفعة للجار حتى كتب إليه أبو العباس المهدى يأمره بأن لا يقضى بالشفعة الا لشريك لم يقاسم فأخذ بذلك لأنه كان عاملا له ونحن أخذنا يقول عمر رضي الله عنه فقد أثبت الشفعة للجار حين قال لبنى عذرة أنتم شفعاؤنا في أموال اليهود في حديث طويل وأخذنا بالآثار المشهورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فان الحديث متى صح عنه كان حجة على كل صاحبي رضوان الله عليهم (والحاصل) أن الشفعة عندنا على مراتب يقدم الشريك فيها في نفس المبيع ثم الشريك في حقوق المبيع بعده ثم الجار الملاصق بعدهما وعن ابن أبي ليلى والشافعي لا تجب الشفعة الا للشريك في نفس المبيع لحديث أبي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة وحديث أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الشفعة فيما لم يقسم وادخال الألف واللام في الكلام للمعهود فإن لم يكن فللجنس وليس هنا معهود ينصرف إليه فكان للجنس فيقتضى أن جنس الشفعة فيما لم يقسم وفي رواية إنما الشفعة فيما لم يقسم وإنما لتقرير المذكور ونفيه عما عداه قال الله تعالى إنما الله إله واحد فهو تنصيص على نفى الشفعة بعد القسمة والمعنى فيه أن هذا تملك المال بغير رضا المتملك عليه فيختص به الشريك دون الجار كالمتملك بالاستيلاد وملك أحد الجارين متميز عن ملك الآخر فلا يستحق أحدهما ملك الآخر بالشفعة كالجار المقابل وهذا لان حق الاخذ بالشفعة لدفع ضرر مؤنة القسمة لأنه لو لم يأخذ طالبه المشترى بالقسمة فيلحقه بسببه مؤنة القسمة فالشرع مكنه من الاخذ بالشفعة ليدفع به ضرر مؤنة القسمة فيما لا طريق له لدفع ذلك الا بان يخرج عن ملكه
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست