المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ١٤٨
المشترى من البيع والهبة والصدقة لا تنقض لحق البائع في الاسترداد وما كان ذلك الا باعتبار تسليطه إياه على ذلك وبه فارق الشفيع فإنه لم يوجد منه تسليط المشترى على التصرف ولهذا ينقض سائر تصرفات المشترى لحق الشفيع فكذلك ينقض بناؤه وإذا عرفنا هذا فنقول عندهما لا يجب للشفيع فيها الشفعة لبقاء حق البائع في الاسترداد وعند أبي حنيفة يجب للشفيع فيها الشفعة لان حق البائع في الاسترداد قد انقطع فيأخذها الشفيع بقيمتها وينقض بناء المشترى لحق الشفيع وهما بهذا الحرف يستدلان على أبي حنيفة فيقولان لاقرار لهذا البناء بالاتفاق بل رفعه مستحق اما لحق البائع أو لحق الشفيع وأبو حنيفة يقول لهذا البناء قرار في حق البائع فإنه حصل بتسليطه فينقطع به حق البائع في الاسترداد ولكن لاقرار له في حق الشفيع فيكون له أن ينقضه للاخذ بالشفعة وهو بمنزلة تصرف آخر من المشترى فيها كالبيع والهبة والصدقة فإنه يقطع حق البائع في الاسترداد ثم ينقض ذلك التصرف لحق الشفيع يقول فان باعها المشترى بيعا صحيحا فللشفيع الخيار ان شاء أخذها بالبيع الثاني بالثمن المسمى وان شاء أبطل البيع الثاني وأخذها بالبيع الأول بالقيمة لاجتماع سببين فيها لثبوت حق الاخذ له فيأخذ بأي السببين شاء وهما يفرقان بين هذا وبين البناء ويقولان تصرف المشترى هنا حصل في غير ما هو مملوك له بالعقد الفاسد وفي البناء حقه في البيع لان البناء بيع للأصل وفي هذا القول اشكال فالشفيع إذا نقض البيع الثاني فقد صار ذلك كأن لم يكن وقيل البيع الثاني يرد على البائع الأول ولا شفعة فيها فكذا بعد ما انتقض البيع الثاني من الأصل ولكنا الجواب عنه أن البيع الثاني من الأصل الثاني صحيح مزيل لملك المشترى وإنما ينقض لحق الشفيع فما يكون من مقتضيات حق الشفيع لا يصلح أن يكون مبطلا حقه في الاخذ بالشفعة وان اشتراها شراءا فاسدا ولم يقبضها حتى بيعت دار إلى جنبها فللبائع أن يأخذ هذه الدار بالشفعة لان الأول في ملكه بعد فيكون جارا بملكه الدار الأخرى فان سلمها إلى المشترى بطلت شفعته لأنه أزال جواره باختياره قبل الاخذ بالشفعة ولا شفعة فيها للمشترى لان جواره محدث بعد بيع تلك الدار وان اشتراهما بخمر أو خنزير والمتعاقدان مسلمان أو أحدهما وشفيعها نصراني فلا شفعة فيه لان البيع فاسد والخمر والخنزير ليس بمال متقوم في حق المسلم منهما وفي البيع الفاسد لا تجب الشفعة لمسلم ولا كافر وان اشتراها كافر من كافر وشفيعها مسلم فالبيع صحيح لان الخمر والخنزير في حقهم مال متقوم كالبعير
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست