المبسوط - السرخسي - ج ١٣ - الصفحة ١٢٣
انه اشترى على ما ليس في ضمانه ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن وبيان ذلك أن الثمن لا يدخل في ضمانه قبل القبض فإذا عاد إليه الملك الذي زل عنه بعينه وقى له بعض الثمن فهذا ربح حصل لا على ضمانه ولا يوجد هذا المعنى فيما إذا اشتراه بمثل الثمن الأول أو أكثر فالربح هناك يحصل للمشترى والمبيع قد دخل في ضمانه ولا كذلك فيما إذا باعه من غيره لأنه لا يحصل للمشترى هناك ربح الا على ضمانه وكذلك إذا اشتراه البائع الأول من المشترى الثاني لأنه لم يعد إليه الملك المستفاد من جهته لان اختلاف أسباب الملك بمنزلة اختلاف أسباب الأعيان وقد قررنا هذا * وكذلك لو دخل في المبيع عيب ثم اشتراه البائع بأقل من الثمن الأول لان الملك لم يعد إليه على الهيئة التي خرج عن ملكه فلا يتحقق فيه ربح ما لم يضمن ولكن يجعل النقصان بمقابلة الجزء والذي احتبس عند المشترى سواء كان النقصان بقدر ذلك أو دونه حتى إذا كان النقصان نقصان السعر فهو غير معتبر في العقود لأنه فتور في رغبات الناس فيه وليس فيه فوات جزء من العين فباعتباره لا يجوز شراؤه بأقل من الثمن الأول * وكذلك لو اشتراه بجنس آخر غير جنس الثمن الأول فذلك جائز لان الربح لا يظهر عند اختلاف الجنس فالفضل إنما يظهر في التقويم والبيع لا يوجب ذلك بخلاف ما إذا اشتراه بجنس الثمن الأول والفضل يظهر هناك من غير تقويم * ولو كان العقد الأول بالدراهم فاشتراه بالدنانير وقيمتها أقل من الثمن الأول فهو جائز في القياس وهو قول زفر لان الدراهم والدنانير جنسان بدليل انه لا يجرى الربا بينهما وفي الاستحسان هذا لا يجوز وهو مذهبنا لأنهما جنسان صورة وجنس واحد معنى فالمقصود منهما واحد وهو الثمنية ولهذا جعلا في أغلب الاحكام كجنس واحد فباعتبار انهما جنسان صورة يصح هذا العقد وباعتبار انهما جنس واحد معنى لا يجوز هذا العقد وعند اجتماع المعنى الموجب للحل والموجب للحرمة يغلب الموجب للحرمة بقوله صلى الله عليه وسلم ما اجتمع الحرام والحلال في شئ الا وقد غلب الحرام الحلال ولان ثبوت هذه الحرمة لا حل الربا وباب الربا مبنى على الاحتياط * وكذلك لو اشتراه مملوك البائع الأول عبده أو مكاتبه بأقل من الثمن الأول لان تصرف المملوك لمالكه من وجه فكسب العبد لمولاه وللمولى في كسب مكاتبه حق الملك فهو كشراء البائع بنفسه لمكان حقه في المقصود بالعقدين وان اشتراه ولده أو والده أو زوجته فكذلك في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست