المبسوط - السرخسي - ج ١٣ - الصفحة ٤٦
فوق علمه به * يوضحه ان اشتراط الخيار في العقود التي هي غير لازمة كالوكالة والشركة والمضاربة لا يجوز ولو كان اشتراط الخيار ليتمكن به من الفسخ بغير علم صاحبه يصح في هذه العقود لكونه محتاجا إليه فحيث لم يصح عرفنا أن موجب الخيار دفع صفة اللزوم فيسقط وليس هذا كالطلاق فان الزوج بايقاع الطلاق لا يلزمها شئ إنما يرفع الحل الثابت له وكذلك في الرجعة لا يلزمها شئ لان النكاح باق بعد الطلاق الرجعي على حاله وقيل في خيار المعتقة ان فسخها لا ينفذ الا بمحضر من الزوج فلا يسلم على هذا وبعد التسليم هناك ثبوت الخيار لدفع زيادة الملك لان ملك الزوج يزداد بحرمتها ودفعها زيادة الملك يكون امتناعا من الالتزام لا إلزام الغير شيئا ولا يتمكن من الامتناع من هذا الالتزام الا برفع أصل النكاح فثبت لها ولاية رفع النكاح لضرورة حاجتها إلى دفع الزيادة عن نفسها ويوضحه انها مسلطة بتخير الشرع إياها بقوله صلى الله عليه وسلم ملكت بضعك فاختاري فيجعل كأن الزوج خيرها فلهذا صح اختيارها بغير محضر منه وهنا من له الخيار غير مسلط على الفسخ من جهة صاحبه كما قررنا. قال (وان اختارت ردها عليه فعليه أو الإجارة بقلبه كان باطلا أيهما كان صاحب الخيار) لان ما يكون بالقلب فهو نية والنية بدون العمل لا تثبت الفسخ ولا الإجارة كما لا ينعقد أصل العقد منها والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى تجاوز لامتي عن ما حدثت به أنفسهم ما لم يعلموا أو يتكلموا. قال (ولو كان الخيار للبائع فما ثبت في يد المشترى فعليه قيمتها) وقال ابن أبي ليلى هو أمين فيها لأنه قبضها باذن صاحبها ووجوب ضمان القيمة باعتبار تفويت شئ على صاحبها وذلك غير موجود وإن كان القبض برضاه ولا كنا نقول البائع ما رضى بقبضه الا بجهة العقد والمقبوض بجهة العقد يكون مضمونا بالقيمة كالمقبوض على سوم البيع وهذا لأن الضمان الأصلي الثابت بالعقد هو القيمة وإنما يتحول منه إلى الثمن عند تمام الرضا ولم يوجد ذلك حين شرط البائع الخيار لنفسه فيبقى الضمان الأصلي وهذا بخلاف ما إذا كان الخيار للمشترى لان هناك لما أشرف على الهلاك سقط خياره بعجزه عن الرد كما قبضه فيتم البيع وهو قائم فلزمه الثمن المسمى وهنا وان أشرف على الهلاك فخيار البائع لم يسقط لأنه لم يعجز عن التصرف بحكم الخيار فلو لزم البيع فيه أنما يلزم بعد موته وذلك لا يجوز فكان مضمونا بالقيمة كذلك. قال (ولو كانت جارية فأعتقها البائع أو دبرها أو وطأها أو قبلها من شهوة أو
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست