المبسوط - السرخسي - ج ١٣ - الصفحة ٢٤
وحجتنا في ذلك من حيث التخريج على الأصل المجمع عليه أن يقول هذا النهى لمعنى في غير المنهي عنه لان البيع ينعقد بالايجاب والقبول في محل قابل له ولا يختل شئ من ذلك بالشرط الفاسد وانعقاد العقد يوجب ركنه من أهله والنهى كان للشرط وهو وراء ما يتم العقد به وكذلك النهى عن الربا للفضل الخالي عن المقابلة وهو وراء ما يتم به العقد فلا ينعقد فيه أصل العقد والعقد لا ينعقد شرعا الا موجبا حكمه لان الأسباب الشرعية تطلب لاحكامها فإذ كانت خالية عن الحكم تكون لغوا ولكن الحكم متصل بها تارة ويتأخر أخرى كالهبة فإنها عقد تمليك ثم الملك بها يتأخر إلى القبض (قوله) بان البيع يفسد به (قلنا) لان النهى اتصل بوصفه لان الخيار والأجل لو كان جائزا كان عمله في تغيير وصف العقد لا في تغيير أصله فكذلك إذا كان فاسدا يكون عمله في تغيير وصف العقد حتى يصير العقد فاسدا وليس من ضرورة انعدام الوصف انعدام الأصل بل من ضرورته انعقاد الأصل فالصفة لا تكون بدون الموصوف وهكذا نقول في النكاح فإنه ينعقد مع الفساد ولهذا يتعلق به وجوب المهر والعدة والنسب عند الدخول الا انه لا يثبت الملك به لان الحكم يثبت بحسب النسب فالعقد الفاسد إنما يثبت ملكا حراما وليس في النكاح الا ملك الحل وبين الحل والحرمة منافاة فكان من ضرورة الفساد هناك انتفاء الملك وهنا بالبيع الفاسد إنما يثبت ملك حرام ولهذا لو كانت جارية لا يحل له وطؤها وليس من ضرورة ثبوت الحرمة انتفاء ملك اليمين كالعصير يتخمر يبقي مملوكا وإن كان حراما وكشراء الرجل أخته من الرضاع فيملكها وان كانت حراما عليه فأثبتنا الملك لهذا ولكن العقد بصفة الفساد يضعف فيتأخر الحكم إلى انضمام ما يقوم إليه وهو القبض كعقد التبرع ولأنه لو ثبت الملك قبل القبض يثبت بغير عوض فان المسمى لا يجب للفساد والضمان لا يجب الا بالقبض فلهذا تأخر الملك إلى ما بعد القبض وهكذا نقول في البيع بشرط الخيار فإنه انعقد مفيدا لحكمه ولكنه تأخر ثبوت الحكم إلى سقوط الخيار على أن ذلك في معنى المعلق بالشرط لأنه يقول علي أنى بالخيار والمتعلق بالشرط مقدم قبل الشرط ألا ترى أنه تعذر أعمال التعليق في أصل السبب فيجعل عاملا في الحكم وليس من ضرورة الفساد انعدام العقد شرعا كالاحرام يفسد بالجماع ويبقى أصله والطلاق في حالة الحيض حرام شرعا ويكون مفيدا بحكمه والظهار حرام شرعا ثم ينعقد موجبا حكمه والدليل عليه أن المقبوض يصير مضمونا والضمان إنما يجب بطريق الجبران أو بالعقد وهنا وجوب الضمان ليس بطريق
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست