المبسوط - السرخسي - ج ١٣ - الصفحة ١٦٤
شراء ثوب من الجراب بغير عينه فإذا لم يكن ما قطع منه معلوما عند المشترى لم يكن ما يتناوله العقد أيضا معلوم الوصف عنده فثبت له الخيار عند الرؤية. ألا ترى أنه لو اشترى الجراب الا ثوبا منها بغير عينه لم يجز الشراء فكذلك إذا كأن لا يعلم ما قطع البائع منها بعد رؤيته فلعله قطع أجودها والمشترى يظن أنه قطع أردأها فلهذا كان له الخيار إذا رآه * قال ولو عرض رجل على رجل ثوبين فلم يشترهما ثم لف أحدهما في منديل ثم اشتراه منه ولم يره ولم يعلم أيهما هو فهو بالخيار إذا رآه لان الرؤية المتقدمة لا تفيده العلم بأوصاف المعقود عليه فلعل المشترى يظن أنه أجودهما وهو أردؤهما ولو أتاه بالثوبين جميعا وقد لف كل واحد منهما في منديل فقال هذان الثوبان اللذان قد عرضت عليك أمس فقال أخذت هذا لأحدهما بعشرين درهما وهذا بعشرة في صفقتين أو صفقة ولم يرهما في هذه المدة فأوجبهما له فهو بالخيار لأنه لما خالف بينهما في الثمن فما هو المقصود لا يحصل له ما لم يعلم بأوصاف كل واحد منهما بعينه لجواز ان يظن أن الذي اشتراه بعشرين درهما أجودهما والذي اشتراه بعشرة أردؤهما والحال بخلاف ذلك فربما يهلك أحدهما أو يجد به عيبا يحتاج إلى رده فلا يندفع الغبن عنه ما لم يعرف كل واحد منهما بعينه. ولو قال قد أخذت كل واحد منهما بعشرة أو بعشرين جاز ذلك ولا خيار له لأنه أخذهما صفقة واحدة ولم يفصل أحدهما في الثمن وقد كانا معلومي الوصف عنده بالرؤية المتقدمة فلأجله لا يثبت له خيار الرؤية فيهما * قال رجل اشترى ثوبا ولم يره حتى رهنه أو أجره يوما أو باعه والمشترى بالخيار فهذا اختيار منه له وليس له أن يرده لأنه أوجب للغير فيه حقا لازما وذلك بعجزه عن الرد فان البيع بشرط الخيار للمشترى لازم في جانب البائع واكتسابه ما يعجزه عن الرد مسقط لخياره حكما كما لو كان المبيع عبدا فدبره أو باعه. والبائع بالخيار فنقض البيع كان له أن يرده لان خيار البائع يمنع زوال ملكه والبيع بهذه الصفة لا يعجزه عن الرد فلا يكون مسقطا لخياره وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله انه يسقط خياره بهذا البيع وقيل تلك الرواية أصح لان البيع بشرط الخيار للبائع أقوى في اسقاط الخيار من العرض على المبيع ولو عرضه على البيع سقط خياره فإذا باعه بشرط الخيار أولى ووجه ظاهر الرواية أن البيع تصرف من جهة القول فإذا كان بحيث لا يعجزه عن الرد لا يكون اسقاطا لخياره حكما ولكنه بمنزلة اسقاط خيار الرؤية بالقول قصدا وذلك لا يصح قبل الرؤية فكذلك ايجاب البيع بشرط الخيار له * قال ولو اشترى عبدا لم يره
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست