المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ٤٣
المشهود عليه ينظر إلى من يقام عليه الحكم بعد شهادتهم والذي يقام هنا الحد الكامل على المسلم فلا تقبل شهادتهما فيه فأما شهادة الرجال مع النساء دخلها الخصوص في المشهود به لا في المشهود عليه فإنما يمتنع قبولها إذا كان المشهود به سبب العقوبة أو شرطا مؤثرا في العقوبة وقد بينا ان ذلك غير موجود في الاحصان فلهذا قبلت شهادة النساء مع الرجال هنا (قال) فان قال شهود الاحصان حين استفسرهم القاضي إنه تزوج امرأة فجامعها أو باضعها فذلك كاف لان مطلق الجماع يتناول الجماع في الفرج خاصة ولهذا ما تعلق بالجماع من الاحكام شرعا إنما يتعلق بالجماع في الفرج والمباضعة مفاعلة من ادخال البضع في البضع فأما إذا قالوا دخل بها فذلك يكفي لثبوت الاحصان في قول أبي حنيفة ولا يكفي في قول محمد رحمهما الله تعالى ولم يذكر قول أبى يوسف وهو كقول أبي حنيفة رحمهما الله تعالى محمد رحمه الله يقول الدخول مشترك قد يراد به الوطئ وقد يراد به الملاقاة وكل لفظ مشترك أو مبهم يذكر الشهود فعلى القاضي أن يستفسرهم ليكون اقدامه على الامر عن بصيرة ألا ترى أنهم لو قالوا أتاها أو قربها لا يكتفي بذلك وأبو حنيفة رحمه الله قال إنهم ذكروا الدخول مضافا إليها والدخول مضافا إلى النساء بحرف الباء يراد به الجماع قال الله تعالى من نسائكم اللاتي دخلتم بهن وإذا قيل فلان دخل بامرأته لا يفهم منه الا الجماع والاسم مشترك بدون الصلة وأما مع هذه الصلة والإضافة فلا وهو كاسم الوطئ فقد يراد به الوطئ بالقدم ثم إذا قالوا وطئها كان ذلك كافيا لثبوت الاحصان فهذا مثله ولكن محمد رحمه الله تعالى يقول قد يقال دخل بها والمراد مر بها أي خلى بها إلا أن ذلك نوع مجاز والمجاز لا يعارض الحقيقة (قال) وان شهدوا على التزويج فقط غير أن له منها ولدا فهو احصان ولا يكون الاحصان بشئ أبين من هذا لأنا لما حكمنا بثبوت النسب منه فقد حكمنا بالدخول بها وذلك أقوي من شهادة الشهود على أنه جامعها ولان الذي يقع به العلم بالدخول بها إذا كان بينهما أولاد فوق ما يقع بشهادة الشاهدين (قال) ولا يكون محصنا بالخلوة الموجبة للمهر والعدة لان المقصود انكسار الشهوة بإصابة الحلال لاستغنائه عن الحرام وذلك لا يحصل بالخلوة وإنما تجعل الخلوة تسليما للمستحق بالعقد في حكم المهر والعدة ألا ترى أن سائر الأحكام المتعلقة بالوطئ لا يثبت شئ منها بالخلوة فكذلك الاحصان (قال) ولا يجمع بين الجلد والرجم ولا بين الجلد والنفي أما في حق
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست