المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٨٧
وجوب القطع باعتبار الملك والعصمة وقت السرقة والهبة توجب ملكا حادثا ولا أثر لها فيما وجب القطع باعتباره بخلاف ما إذا أقر بالملك للسارق لان في اقراره احتمال الصدق وبهذا الاحتمال تبين أن الملك كان للسارق عند السرقة وذلك مانع تقرر فعل السرقة بخلاف ما إذا كانت الهبة قبل المرافعة لان هناك لا يظهر عند الامام لانقطاع حق المسروق منه فأما الآن فقد ظهرت السرقة عنده وتمكن من استيفاء القطع حقا لله تعالى فلا يمتنع الاستيفاء باعتراض الملك في المحل كما لا يمتنع الاستيفاء باعتراض الملك في الحرز أو برد المال بعد القضاء (وحجتنا) فيه أن انتفاء ملك السارق عن المسروق شرط لوجوب القطع عليه وما يكون شرطا لوجوب القطع عليه يراعى قيامه إلى وقت الاستيفاء لان المعترض بعد القضاء قبل الاستيفاء كالمقترن بأصل السبب بدليل العمى والخرس والردة والفسق في الشهود والدليل عليه أن انتفاء الأبوة لما كان شرطا لوجوب القصاص يشترط بقاؤه إلى وقت الاستيفاء حتى أن المعترض من الأبوة بعد القضاء قبل الاستيفاء مانع من الاستيفاء كالمقترن بأصل السبب وهذا لان وجوب القطع باعتبار العين والملك وإن كان حادثا ههنا فالعين الذي وجد فعل السرقة فيه عين ذلك ولو اتحد الملك بأن أقر المسروق منه له بالملك أو أثبت السارق ملكه بالبينة لم يقطع فكذلك إذا اتحدت العين واختلف الملك لأنه تتمكن شبهة باعتبار اتحاد العين وقد بينا اختلاف الروايات في حد الزنا وبعد التسليم العذر واضح فان وجوب الحد باعتبار ما استوفي من العين وذلك المستوفي مثلا شئ وههنا وجوب القطع باعتبار العين وملكه حدث في ذلك العين وبخلاف الحرز فإنه عبارة عن التحرز والتحصن وقد فات ذلك فإنما حدث الملك له في حرز آخر وبخلاف رد المال لان الرد منه للخصومة فان ما هو المقصود يحصل بالرد والمنتهى في حكم المتقرر فأما الهبة تقطع الخصومة لأنه ما كان يخاصم ليهب منه وما يفوت المقصود بالشئ لا يكون منهيا له فأما حديث صفوان رضي الله عنه فقد ذكر في بعض الروايات عفوت عنه والحديث حكاية حال لا عموم له ثم معنى قوله صلى الله عليه وسلم هلا قبل أن تأتيني به كيلا ينهتك ستره ألا ترى أن ما روى أن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تغير فقال صفوان رضي الله عنه كأنه شق عليك ذلك يا رسول الله قال وكيف لا يشق على وكأنكم أعوان الشياطين على أخيكم المسلم فعرفنا أنه كره هتك الستر عليه ولم يرو مشهورا انه قطع
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست