المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٠٨
وعليه حد العبيد فالقول قوله فما لم يقم المقذوف البينة على حريته لا يقام عليه حد الأحرار فان عرف القاضي حريته اكتفي بمعرفته لان علم القاضي أقوى من الشهادة ولا يقال كيف يقضى القاضي بالحد بعلمه لان في حد القذف له أن يقضى بعلمه ولأنه إنما يقضى بالحرية هنا بعلمه والحرية ليست بسبب لوجوب الحد فان اختلف الشاهدان في الوقت أو المكان لم تبطل شهادتهما في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعلى قولهما لا يحد القاذف بهذه الشهادة فالحاصل ان ما يكون قولا محصنا كالبيوع والأقارير ونحوها فاختلاف الشهود في المكان أو الزمان لا يمنع قبول الشهادة لأنه مما يعاد ويكرر ويكون الثاني هو الأول فلا يختلف المشهود به باختلافهما في المكان والزمان وكذلك لو اختلفا في الانشاء والاقرار لان حقيقة الانشاء والاقرار واحد في هذا الباب ومن هذه الجملة القرض لان تمام القرض وإن كان بالتسليم ولكن تحمل الشهادة على قول المقرض أقرضتك وذلك قول فألحقه بالاقرار لهذا فأما الجناية والغصب وما أشبههما من الأفعال اختلاف الشهود في المكان والزمان والاقرار والانشاء يمنع قبول الشهادة لان الفعل مما لا يتكرر والاقرار بالفعل غير الفعل وما لم يتفق الشاهدان على شئ واحد لا يتمكن القاضي من القضاء به والنكاح من هذا النوع أيضا لأنه وإن كان قولا فلا يصح الا بمحضر من شاهدين وحضور الشهود فعل فالحق بالأفعال لهذا وفى القول الذي لا يتم الا بالفعل كالهبة والصدقة والرهن اختلاف معروف نذكره في الهبة والرهن فأما القذف فأبو يوسف ومحمد رحمها الله تعالى قالا اختلاف الشهود فيه في المكان والزمان يمنع قبول الشهادة لأنه إنشاء سبب موجب للحد وما لم يتفق الشاهدان علي سبب واحد لا يتمكن القاضي من القضاء ألا ترى أنهما لو اختلفا في الاقرار والانشاء لم تقبل شهادتهما وألحق ذلك بالأفعال فكذلك لو اختلفا في الوقت والمكان وهذا لان وجوب الحد بالتناول من عرض المقذوف فالشهادة عليه بمنزلة الشهادة على التناول من نفسه بالجناية وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول القذف قول قد تكرر فيكون حكم الثاني حكم الأول فلا يختلف المشهود به باختلافهما في المكان والزمان كالطلاق والعتاق بخلاف الاقرار والأفعال وهذا هو القياس إذا اختلفا في الانشاء والاقرار قال إلا أنى أستحسن هناك لان حكم الاقرار بالقذف مخالف لحكم الانشاء بالقذف ألا ترى أن من تزوج امرأة ثم أقر أنه كان قذفها قبل أن يتزوجها فعليه الحد وان قذفها في الحال لا عنها
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست