المبسوط - السرخسي - ج ٥ - الصفحة ٤٩
في حقه والثاني ان قتله بنفس الردة صار مستحقا وإنما يمهل ثلاثة أيام ليتأمل فيما عرض له من الشبهة ففيما وراء ذلك جعل كأنه لا حياة له حكما فلا يصح منه عقد النكاح لان اشتغاله بعقد النكاح يشغله عما لأجله حياته وهو التأمل وكذلك لا يجوز نكاح المرتدة مع أحد لأنها مأمورة بالتأمل لتعود إلى الاسلام وممنوعة من الاشتغال بشئ آخر ولأنها بالردة صارت محرمة والنكاح مختص بمحل الحل ابتداء فلهذا لا يجوز نكاحها مع أحد (قال) وإذا ارتد المسلم بانت منه امرأته مسلمة كانت أو كتابية دخل بها أو لم يدخل بها عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى ان كأن لم يدخل بها فكذلك وإن كان بعد الدخول لا يتوقف انقطاع النكاح على انقضاء ثلاث حيض بناء على أصله في الفرق بين تأكد النكاح بالدخول وعدم تأكده على ما بينا في الاسلام فإنه بالردة يقصد منابذة الملة لا الحليلة فلا يكون ذلك موجبا للفرقة بعد تأكده ما لم ينضم إليه سبب آخر كما لو أسلم أحدهما وابن أبي ليلى رحمه الله تعالى يقول لا تقع الفرقة بردة أحدهما قبل الدخول ولا بعده حتى يستتاب المرتد فان تاب فهي امرأته وان مات أو قتل ورثته وجعل هذا قيام اسلام أحد الزوجين على ما بينا ولكنا نقول الردة تنافي النكاح واعتراض سبب المنافي للنكاح موجب للفرقة بنفسه كالمحرمية فاما اختلاف الدين عينه لا ينافي النكاح حتى يجوز ابتداء النكاح بين المسلم والكتابية وكذلك الاسلام لا ينافي النكاح فان النكاح نعمة وبالإسلام تصير النعم محرزة له فلهذا لا تقع الفرقة هناك الا بقضاء القاضي بعد إباء الآخر ثم إن كان الزوج هو المرتد فلها نصف المهر ان كأن لم يدخل بها ونفقة العدة إن كان دخل بها وان كانت هي التي ارتدت فلا مهر لها إن كان قبل الدخول وليس لها نفقة العدة بعد الدخول والكلام في أن هذه الفرقة بطلاق أو بغير طلاق كما بيناه (قال) وإذا ارتد الزوجان معا فهما على نكاحهما استحسانا عندنا وفي القياس تقع الفرقة بينهما وهو قول زفر رحمه الله تعالى لان في ردتهما ردة أحدهما وزيادة فإذا كانت ردتهما تنافي ابتداء النكاح تنافى البقاء أيضا ولكنا تركنا القياس لاتفاق الصحابة رضى الله تعالى عنهم فان بنى حنيفة ارتدوا بمنع الزكاة فاستتابهم أبو بكر رضى الله تعالى عنه ولم يأمرهم بتجديد الأنكحة بعد التوبة ولا أحد من الصحابة رحمهم الله تعالى سواء ولا يقال لعل الارتداد من بعضهم كان قبل بعض ولم يشتغل بذلك أيضا لان كل أمرين لا يعرف التاريخ بينهما يجعل كأنهما وقعا معا وفقه هذا الكلام ان وقوع الفرقة عند ردة أحدهما لظهور خبثه عند المقابلة
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست