المبسوط - السرخسي - ج ٥ - الصفحة ١٨٧
حق وفى ظاهر الرواية بعد صحة العقد النفقة واجبة لها وإن لم تنتقل إلى بيت زوجها الا ترى ان الزوج لو لم يطلب انتقالها إلى بيته كان لها ان تطالبه بالنفقة فكذلك إذا حبست نفسها لاستيفاء المهر وان رجعت الناشزة إلى بيت الزوج فنفقتها عليه لان المسقط لنفقتها نشوزها وقد زال ذلك والأصل فيه قوله تعالى فان أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا (قال) ولا نفقة للصغيرة التي لا يجامع مثلها عندنا وعلى قول الشافعي رحمه الله تعالى لها النفقة لأنها مال يجب بالعقد فالصغيرة والكبيرة فيه سواء كالمهر وهذا لان الوجوب لحاجتها والصغيرة محتاجة إلى ذلك كالكبيرة ألا ترى أن بسبب ملك اليمين تجب النفقة للصغير كما تجب للكبير فكذلك بسبب النكاح وحجتنا في ذلك أنها غير مسلمة نفسها إلى زوجها في منزله فلا تستوجب النفقة عليه كالناشزة وهذا لان الصغيرة جدا لا تنتقل إلى بيت الزوج بل تنقل إليه ولا تنتقل إليه للقرار في بيته أيضا فتكون كالمكرهة إذا حملت إلى بيت الزوج ولان نفقتها عليه باعتبار تفريغها نفسها لمصالحه فإذا كانت لا تصلح لذلك لمعنى فيها كان ذلك بمنزلة منع جاء من قبلها فلا نفقة لها على الزوج بخلاف المملوكة فان نفقتها لأجل الملك فقط وذلك لا يختلف بالصغر والكبر وان كانت قد بلغت مبلغا يجامع مثلها فلها النفقة على زوجها صغيرا كان زوجها أو كبيرا لأنها مسلمة نفسها في منزله مفرغة نفسها لحاجته وإنما الزوج هو الممتنع من الاستيفاء لمعني فيه فلا يسقط به حقها في النفقة وإن كان الزوج صغيرا لا مال له لم يؤخذ الأب بنفقة زوجته إلا أن يكون ضمنها لان استحقاق النفقة على الزوج كاستحقاق المهر فكما لا يؤخذ أبوه بشئ من المهر إذا لم يضمن ذلك فكذلك لا يؤخذ بالنفقة (قال) وكل امرأة قضى لها بالنفقة على زوجها وهو صغير أو كبير معسر لا يقدر على شئ فإنها تؤمر بأن تستدين ثم ترجع عليه ولا يحبسه القاضي إذا علم عجزه وعسرته لان الحبس إنما يكون في حق من ظهر ظلمه ليكون زاجرا له عن الظلم وقد ظهر هنا عذره لا ظلمه فلا يحسبه ولكن ينظر لها بأن يأمرها بالاستدانة فإذا استدانت بأمر القاضي كان كاستدانتها بأمر الزوج فترجع عليه بذلك إذا أيسر وإن كان القاضي لا يعلم من الزوج عسره فسألت المرأة حبسه بالنفقة لم يحبسه القاضي في أول مرة لان الحبس عقوبة لا يستوجبها الا الظالم ولم يظهر حيفه وظلمه في أول مرة فلا يحبسه ولكن يأمره بأن ينفق عليها ويخبره أنه يحبسه إن لم يفعل فان عادت إليه مرتين أو ثلاثا حبسه
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست