المبسوط - السرخسي - ج ٥ - الصفحة ٢١٢
ذلك بالاستخدام وللأم والجدتين حق الاستخدام وليس لغيرهن ممن سمينا حق الاستخدام ولا يحصل مقصود تعليم الاعمال الا بذلك فلهذا أخذ منهن ثم بعدما استغنى الغلام أو حاضت الجارية عند الأم والجدتين أو استغنت عند غيرهن فالأب أحق بالولد ثم بعده الجدات لأب ثم الأخ من الأب والأم ثم الأخ من الأب لأن ولاية الضم إلى نفسه بعد هذا باعتبار العصوبة فمن يكون مقدما في العصوبة من ذي الرحم المحرم أولى بذلك وقد بينا ترتيب العصبات في أول الكتاب ولا حق لابن العم ذلك لأنه رحم غير محرم فلا يؤمن منه أن يطمع فيها فلهذا لا يكون له ان يضمها وان كانت ولاية التزويج له باعتبار العصوبة (قال) وإذا اجتمع أخوة لأب وأم فأفضلهم صلاحا وورعا أحق به لان ضمه إلى أقرب العصبات لمنفعة الولد ولهذا قدم الأقرب وضمه إلى أبينهم صلاحا أنفع للود لأنه يتخلق بأخلاقه فإن كانوا في ذلك سواء فأكبرهم أحق لقوله صلى الله عليه وسلم الكبر الكبر ولان حق أكبرهم أسرع ثبوتا فعند التعارض يترجح ذلك وكذلك الأعمام بعد الاخوة ثم الغلام إذا بلغ رشيدا فله ان ينفرد بالسكنى وليس للأب ان يضمه إلى نفسه إلا أن يكون مفسدا مخوفا عليه فحينئذ له ان يضمه إلى نفسه اعتبارا لنفسه بماله فإنه بعد ما بلغ رشيدا لا يبقى للأب يد في ماله فكذلك في نفسه وإذا بلغ مبذرا كان للأب ولاية حفظ ماله فكذلك له ان يضمه إلى نفسه اما لدفع الفتنة أو لدفع العار عن نفسه فإنه يعير بفساد ولده فاما الجارية إذا كانت بكرا فللأب ان يضمها إلى نفسه بعد البلوغ لأنها لم تختبر الرجال فتكون سريعة الانخداع فاما إذا كانت ثيبا فلها ان تنفرد بالسكنى لأنها قد اختبرت الرجال وعرفت كيدهم ومكرهم فليس للأب ان يضمها إلى نفسه بعد البلوغ لان ولايته قد زالت بالبلوغ وإنما بقي حق الضم في البكر لأنها عرضة للفتنة وللانخداع وذلك غير موجود في حق الثيب والأصل فيه ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ليس للولي مع الثيب أمر وقال صلى الله عليه وسلم الثيب أحق بنفسها من وليها يعنى في التفرد بالسكنى ولكن هذا إذا كانت مأمونة على نفسها وذكر في كتاب الطلاق أن الثيب إذا كانت مخوفة على نفسها لا يوثق بها فللأب أن يضمها إلى نفسه لبقاء الخوف وقد بينا أن ولاية الضم في البكر لكونها مخوفا عليها فإذا وجد ذلك في حق الثيب كان له أن يضمها إلى نفسه واما البكر فإن لم يكن لها أب ولا جد وكان لها أخ أو عم فله أن يضمها إليه أيضا لأنه مشفق عليها فيقوم بحفظها وان كانت لا تبلغ شفقته
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست