المبسوط - السرخسي - ج ٥ - الصفحة ١٩٤
ويكونا بمنزلة الشاهدين يخبران انهما قد علما ذلك فحينئذ لو شهدا عنده في مجلس الحكم يثبت يساره بشهادتهما وكذلك أن أخبراه بذلك لان المعتبر علم القاضي ويحصل له علم بخبرهما كما يحصل بشهادتهما وان أخبرا انهما علما ذلك من رواية راو لم يؤخذ بقولهما لأنهما ما أخبراه عن علم وإنما أخبراه عن ظن أو عن خبر من لا يعتمد خبره والخبر إذا تداولته الألسنة تتمكن فيه الزيادة والنقصان عادة فلهذا لا يعتمد مثل هذا الخبر (قال) وان أقامت المرأة البينة انه موسر وأقام الزوج البينة أنه محتاج أخذ بينة المرأة لأنها قامت على الاثبات ولان شهود الزوج اعتمدوا في شهادتهم ما هو الأصل وشهود المرأة عرفوا الغنى العارض فلهذا يفرض لها عليه نفقة الموسرين (قال) وإذا كان للزوج عليها دين فقال احسبوا لها نفقتها منه كان له ذلك لان أكثر ما في الباب أن تكون النفقة لها دينا عليه فإذا التقى الدينان تساويا قصاصا الا ترى ان له ان يقاص بمهرها فالنفقة أولى (قال) وإذا فرضت النفقة لها على زوجها ولها عليه شئ من مهرها فأعطاها شيئا من ذلك فقال الزوج هو من المهر وقالت المرأة بل هو من النفقة فالقول قول الزوج أنه من المهر وكذلك هذا في جميع قضاء الديون إذا كان من وجوه مختلفة لأنه هو المملك فالقول قوله في بيان جهة التمليك وهو المحتاج إلى تفريغ ذمته فالقول قوله في أنه تفرغ ذمته بهذا الأداء من كذا دون كذا (قال) وإذا اختلفا فيما وقع الصلح عليه أو الحكم به من النفقة في الجنس أو القدر فالقول قول الزوج والبينة بينة المرأة لأنها مدعية الزيادة فتحتاج إلى الاثبات بالبينة والزوج منكر لذلك فالقول قوله مع يمينه فإن كان الذي أقر به الزوج وحلف عليه لا يكفيها بلغ بها الكفاية في المؤتنف لان النفقة للكفاية وقد بينا أن ما قضى به القاضي أو وقع الصلح عليه ان كأن لا يكفيها فلها أن تطالب بما يكفيها في المستقبل فكذلك ما أقر به الزوج (قال) ولو أخذت المرأة من زوجها كفيلا بالنفقة كل شهر لم يكن على الكفيل الا شهر واحد لأنه أضاف كلمة كل الا مالا يعرف منتهاه فيتناول الأدنى كمن يقول لفلان على كل درهم وأصله في الإجارة إذا استأجر دارا لكل شهر كان لزوم العقد في شهر واحد وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى انه كفيل بنفقتها ما عاشت وبقي النكاح بينهما استحسانا لما فيه من العرف الظاهر ولان قصد المرأة التوثق بهذا الجنس من حقها فكان الكفيل صرح لها بما هو مقصودها فقال في كفالته أبدا أو ما عاشت وهناك يثبت حكم الكفالة بهذا الجنس من حقها عليه
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست