المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ٧٦
دم الاحصار لا يتوقت بيوم النحر عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعلى قولهما يختص بيوم النحر لأنه مشروع للتحلل فكان بمنزلة دم المتعة والقران وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول إنه في معنى دماء الكفارات بدليل انه لا يباح التناول منه الا للفقراء بخلاف دم المتعة والقران فإنه يباح التناول منه للأغنياء ثم وجوب هذا الدم للتحلل قبل أوانه فان أوان التحلل ما بعد أداء الأفعال والمحصر يتحلل قبل أداء الأفعال فكان في فعله معنى الجناية وان أبيح له ذلك للعذر فالدم الواجب عليه يكون كفارة لا يتوقت بيوم النحر كالدم في حق من كان برأسه أذى فاما التطوعات من الدماء يجوز ذبحها قبل يوم النحر وذبحها في يوم النحر أفضل لان التطوعات هدايا والواجب في الهدايا تبليغها إلى الحرم فإذا وجد ذلك يجوز ذبحها في غير أيام النحر وفى أيام النحر أفضل لان معنى القربة في إراقة الدم في هذه الأيام أظهر (قال) ويباح التناول من هدى المتعة والقران والتطوع بمنزلة الأضحية والجواب في الأضحية معلوم وهو ان الواجب يتأدى بإراقة الدم فإنه يباح التناول منه للمضحى ولمن شاء المضحي من غنى أو فقير فان أكل المضحي كلها لم يكن عليه شئ والأفضل له ان يتصدق بالثلث ويأكل الثلثين فكذلك فيما هو في معنى الأضحية من الهدايا الا ترى ان النبي صلى الله عليه وسلم تناول من هداياه حتى أمر ان يؤخذ من كل بدنة قطعة فتطبخ له ولو كان الواجب التصدق بها على الفقراء لما أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها شيئا فكما يباح له تناول لحوم هذه الهدايا يباح له الانتفاع بجلودها أيضا ولا ينتفع بجلود غيرها من دماء الكفارات بل يتصدق بذلك كله كما يتصدق بلحمها هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لناجية حين بعث بالهدايا على يديه وقال تصدق بجلالها وخطمها فذلك دليل على وجوب التصدق بجلودها بطريق الأولى (قال) ولا يعطى أجرة الجزاء منها ولا من غيرها شيئا لان ما يأخذه الجزار إنما يأخذه عوضا عن عمله فيكون ذلك بمنزلة البيع (قال) ولا ينبغي له أن يبيع شيئا من لحوم الهدايا بثمن لأنها صارت لله تعالى خالصا فلا ينبغي له أن يشتغل بالتجارة فيها ولولا الاذن من قبل من له الحق لما أبيح له تناول بعضها وليس من ضرورة الاذن في التناول الاذن في التجارة والمنصوص عليه الاذن في التناول بقوله تعالى فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير (قال) وإذا باع شيئا من لحمهما بثمن أو أعطى الجزار أجرة عمله من اللحم فعليه أن يتصدق بقيمة ذلك لأنه مناف حق الفقراء في ذلك القدر بصرفه إلى
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»
الفهرست