المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ١٨
بعرفة قال صلى الله عليه وسلم الحج عرفة ولكنا نستدل بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه لبى عشية عرفة فقال له رجل يا شيخ ليس هذا موضع التلبية فقال ابن مسعود رضي الله عنه أجهل الناس أم طال بهم العهد لبيك عدد التراب لبيك حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما زال يلبى حتى رمى جمرة العقبة ولان التلبية في هذه العبادة كالتكبير في الصلوات وكما يأتي بالتكبير إلى آخر الصلاة فكذلك يأتي بالتلبية هنا إلى وقت الخروج من الاحرام وذلك عند الرمي يكون (قال) وإذا غربت الشمس دفع على هبنته على هذا اتفق رواة نسك رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه وقف بعرفة حتى إذا غربت الشمس دفع منها وروى أنه خطب عشية عرفة فقال أيها الناس ان أهل الجاهلية والأوثان يدفعون من عرفة قبل غروب الشمس إذا تعممت بها رؤس الجبال كعمائم الرجال في وجوههم وان هدينا ليس كهديهم فادفعوا بعد غروب الشمس فقد باشر ذلك وأمر به إظهارا لمخالفة المشركين فليس لأحد أن يخالف ذلك إلا أنه ان خاف الزحام فتعجل قبل الامام فلا بأس به إذا لم يخرج من حدود عرفة قبل غروب الشمس وكذلك أن مكث قليلا بعد غروب الشمس وذهاب الامام مع الناس لخوف الزحام فلا بأس به بعد أن لا يطوله لحديث عائشة رضى الله تعالى عنها أنها بعد إفاضة الامام دعت بشراب فأفطرت ثم أفاضت (قال) ويمشى على هينته في الطريق هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيها الناس ليس البر في ايجاف الخيل ولا في ايضاع الإبل عليكم بالسكينة والوقار. وروى جابر رضى الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمشي على راحلته في الطريق على هينته حتى إذا كان في بطن الوادي أوضع راحلته وجعل يقول إليك تعدو قلقا وضينها * مفارقا دين النصارى دينها * معترضا في بطنها جنينها * فزعم بعض الناس أن الايضاع في هذا الموضع سنة ولسنا نقول به وتأويله ان راحلته كلت في هذا الموضع فبعثها فانبعثت كما هو عادة الدواب لا أن يكون قصده الايضاع (قال) ولا يصلى المغرب في الطريق حتى يأتي المزدلفة لما روى أن أسامة بن زيد رضى الله تعالى عنه كان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطريق من المزدلفة فقال الصلاة يا رسول الله فقال عليه الصلاة والسلام الصلاة أمامك ومراده من هذا اللفظ اما الوقت أو المكان ولم
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»
الفهرست