المبسوط - السرخسي - ج ٣ - الصفحة ٣٨
الزكاة لأنه يعتبر الوزن دون الجودة والصنعة فان أدى قيمة خمسة دراهم من الذهب لم يسقط عنه جميع الزكاة لان عند اختلاف الجنس تعتبر القيمة فلا بد من أداء الفضل (قال) رجل له مائتا درهم فقال هي في المساكين صدقة ان كلمت فلانا فكلمه ثم حال عليها الحول فعليه فيها الزكاة لأنه وان لزمه التصدق بها بحكم النذر فملكه كامل فيها فان ديون الله تعالى لا تمكن نقصانا في الملك خصوصا ما لا تتوجه المطالبة به بحال فلا يمنع ذلك وجوب الزكاة في ماله بخلاف دين الزكاة فان تصدق بها عما أوجب على نفسه فعليه زكاتها خمسة دراهم لأنه صرف حق الفقراء إلى حاجته فان الوفاء بالنذر من جملة حاجته فهو بمنزلة انفاقه المال على نفسه فيكون ضامنا للزكاة وان تصدق بخمسة دراهم منها ينوى عن زكاتها ثم تصدق بما بقي مما أوجب على نفسه فعليه خمسة دراهم يتصدق بها لان التصدق بالخمسة الأولى كان عن الزكاة دون النذر فإنه نواها عن الزكاة وللمرء ما نوى ثم تصدق عن نذره بمائة وخمسة وتسعين وإنما التزم التصدق بمائتين عن نذره فعليه ان يؤدى خمسة أخرى. وان ضاع المال بعد الحول فلا شئ عليه من الزكاة ولا مما أوجب على نفسه لان كل واحد منهما كان غنيا في هذا المحل فلا يبقى بعد فوات المحل بخلاف ما سبق لان هناك وجد منه تصرف وهو الأداء ولا وجه لتجويز المؤدى عنهما جميعا لان المحل الواحد لا يتسع لذلك فجعلنا المؤدى عما نواه وصار هو في حق الآخر كالمستهلك للمحل وهنا لم يوجد منه تصرف وإنما فات المحل لضياع المال ومعنى فوات المحل يتحقق في كل واحد من الحقين فلهذا لا يلزمه شئ آخر (قال) ولو أن أم ولد لرجل لها حلي من ذهب أو فضة فعلى المولى أن يزكى ذلك مع ماله إذا حال الحول لان أم الولد في حكم الملك كالأمة القنة فكسبها وما في يدها يكون ملكا للمولى وكذلك كسب العبد الذي لا دين عليه فإن كان على العبد دين كثير محيط بما في يده فلا زكاة على سيده فيما في يده اما عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى فلان المولى لا يملك ما في يده واما عندهما فلان ما في يده مشغول بحق الغرماء والمال المشغول بالدين لا يكون نصاب الزكاة فإن كان في يده أكثر مما عليه فالفضل مملوك للمولى فارغ عن حق الغرماء فيضمه إلى ماله ويزكيه ولكن هذا بعد ما يقضى العبد ديونه لأنه لا يسلم للمولى شئ من كسبه قبل قضاء ديونه فإذا قضى ديونه فالآن يسلم الفضل للمولى فيؤدى الزكاة عنه بمنزلة مال له على رجل فقضاه فإنه يلزمه أداء الزكاة عنه بعد الاستيفاء
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»
الفهرست