المبسوط - السرخسي - ج ٣ - الصفحة ١٨٥
متفقين صحيحين على الولاء أو أكثر من ذلك وصورة العادة الجعلية ان ترى المرأة دمين وطهرين متفقين بينهما مخالف لهما أو ترى أطهارا مختلفة أو دماء مختلفة فينصب أوسط الاعداد لها عادة على قول من يقول بأوسط الاعداد وأقل المرتين على قول من يقول بأقل المرتين الأخيرتين فتكون هذه عادة جعلية لها في زمان الاستمرار سميت جعلية لأنه جعل عادة لها للضرورة ولم يوجد فيها دليل ثبوت العادة حقيقة فان رأت العادة الجعلية بعد العادة الأصلية قال أئمة بلخ رحمهم الله تعالى لا تنتقض به العادة الأصلية لأنها دونها والشئ لا ينقضه ما هو دونه إنما ينقضه ما هو مثله أو فوقه ولان ما ثبت بالضرورة لا يعدو موضع الضرورة وقد تحققت الضرورة في اثبات عادة لها ولا ضرورة في نقض العادة التي كانت لها ومشايخ بخارى رحمهم الله تعالى يقولون تنقض العادة الأصلية بالعادة الجعلية لأنه لا بد من التكرر في العادة الجعلية بخلاف ما كان في العادة الأصلية مثاله إذا كانت العادة الأصلية في الحيض خمسة لا تثبت الجعلية الا برؤية ستة أو سبعة أو ثمانية فالتكرار فيها خلاف العادة الأصلية مرارا لان سبعة وثمانية يتكرر فيها ستة فبالتكرار بخلاف العادة الأصلية تنتقض تلك العادة ولكن لكونها متفاوتة في نفسها تكون العادة الثانية جعلية لا أصلية ثم قد بينا ان العادة الأصلية لا تنتقض برؤية المخالف مرة واحدة الا على قول أبى يوسف رحمه الله تعالى حتى إذا كانت عادتها في الحيض خمسة وفى الطهر عشرين فطهرت خمسة عشر ثم استمر بها الدم فعلى قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى تصلى من أول الاستمرار خمسة تمام عادتها في الطهر وعلى قول أبى يوسف رحمه الله تدع من أول الاستمرار خمسة وقد انتقلت عادتها في الطهر إلى خمسة عشر بالرؤية مرة واحدة فاما العادة الجعلية تنتقض برؤية المخالف مرة واحدة بالاتفاق لأنها أضعف من العادة الأصلية وثبوتها ما كان بسبب التكرار فكذلك انتقاضها لا يتوقف على وجود التكرار فيما يخالفها بخلاف العادة الأصلية ثم المبتدأة إذا رأت أطهارا مختلفة ودماء مختلفة فوقعت الحاجة إلى نصب العادة لها فالبناء على أوسط الاعداد عند محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى وعلى أقل المرتين الأخيرتين عند أبي عثمان رحمه الله تعالى وصاحبة العادة والمبتدأة في هذا الحكم سواء وقد تكون عادة المرأة في الحيض والطهر جميعا أصلية وقد تكون جعلية فيهما وقد تكون أصلية في أحدهما جعلية في الآخر بحسب ما يتفق وذلك كله ينبنى على معرفة الأطهار الصحيحة والدماء الصحيحة
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست