المبسوط - السرخسي - ج ٣ - الصفحة ١٦٤
(فصل) في نصب العادة أيضا وإذا ابتليت المبتدأة بالاستمرار بعد ما يكون منها الصحاح من الدماء والأطهار فهو على خمسة أوجه. أحدها أن ترى دمين وطهرين متفقين على الولاء ثم الاستمرار. والثاني أن يكونا مختلفين ثم الاستمرار. والثالث أن ترى ثلاثة دما وثلاثة أطهار مختلفة ثم الاستمرار. والرابع أن ترى متفقين بعدهما مخالف لهما ثم الاستمرار والخامس أن ترى متفقين بينهما ما يخالفهما ثم الاستمرار. فصورة الفصل الأول إذا رأت الدم ثلاثة والطهر خمسة عشر والدم ثلاثة والطهر خمسة عشر ثم استمر بها الدم فالجواب أنها تدع من أول الاستمرار ثلاثة وتصلى خمسة عشر لان ما رأت صار عادة قوية بالتكرار وقد بينا أنه لو رأته مرة صار عادة لها فإذا رأته مرتين أولى. وبيان الفصل الثاني مبتدأة رأت ثلاثة دما وخمسة عشر طهرا وأربعة دما وستة عشر طهرا ثم استمر بها الدم فعلى قول محمد بن إبراهيم الميداني رحمه الله تعالى تبنى ما رأت في المرة الثانية على ما رأته في المرة الأولى وعلى قول أبى عثمان سعيد بن مزاحم السمرقندي لا تبنى ولكنها تستأنف من أول الاستمرار وتفسير قول محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى أنها لما رأت أربعة دما فثلاثة منها مدة حيضها واليوم الرابع من حساب طهرها ولكنها تترك الصلاة فيه لرؤية الدم فلما طهرت ستة عشر فأربعة عشر منها تمام طهرها ويومين من مدة حيضها ولكنها لم تر فيه فلا تترك الصوم والصلاة لان بداية الحيض لا يكون بالطهر ثم جاء الاستمرار وقد بقي من مدة حيضها يوم وذلك لا يكون حيضا فتصلى إلى موضع حيضها الثاني وذلك ستة عشر يوما ووجهه ان ما رأت في في المرة الأولى صار عادة لها بالمرة الواحدة لما بينا وصاحبة العادة تبنى ما ترى على عادتها ما لم يوجد ما ينقضها ألا ترى أنها لو أرت ذلك مرتين بنت عليه ما ترى بعدهما فكذلك إذا رأته مرة وجه قول أبى عثمان ان ما رأت ثانيا في صفة الصحة مثل ما رأته أولا وإنما تبنى الفاسد على الصحيح فأما الصحيح لا يبنى على الصحيح لان البناء للحاجة والضرورة وإنما أثبتنا العادة للمبتدأة بالمرة الواحدة لأجل الضرورة فأما العادة في الأصل مشتقة من العود وذلك لا يحصل بالمرة ولا ضرورة في بناء الصحيح على الصحيح لما بينهما من المعارضة والمساواة بخلاف إذا ما رأت أولا مرتين متفقتين لان ذلك تأكد بالتكرار وترجح به ثم على قول أبي عثمان رحمه الله تعالى إذا استأنفت من أول الاستمرار تبنى على أقل المدتين لأنها عائدة إليها فالأقل موجود في الأكثر فتترك من أول الاستمرار ثلاثة وتصلى خمسة عشر
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست