المبسوط - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٨٠
مما مسته النار وفى حديث آخر توضؤا من لحوم الإبل ولا تتوضؤوا من لحوم الغنم (ولنا) حديث أبي بكر الصديق رضى الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ وقال جابر توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ قام ليخرج فرأى عرقا أي عظما في يد بعض صبيانه فأكل منه ثم صلى ولم يتوضأ وحديث أبي هريرة رضى الله تعالى عنه ضعيف قد رده ابن عباس رضى الله تعالى عنهما فقال ألسنا نتوضأ بالحميم ولو ثبت فالمراد منه غسل اليد بدليل حديث عكراش بن ذؤيب قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فأدخلني بيت أم سلمة رضى الله تعالى عنها فأتينا بقصعة كثيرة الثريد والودك فجعلت آكل من كل جانب فقال صلى الله عليه وسلم كل مما يليك فان الطعام واحد ثم أتينا بطبق من رطب فجعلت آكل مما يليني فقال أجل يدك فان الرطب ألوان ثم أتي بماء فغسل يديه وقال هذا هو الوضوء مما مسته النار ولهذا فصل في روايته بين لحم الإبل وغيره لان للحم الإبل من اللزوجة ما ليس لغيره والمعنى أنه لو أكل الطعام نيئا لم يلزمه الوضوء فالنار لا تزيده الا نظافة * قال (ويخلل لحيته وأصابعه في الوضوء) فإن لم يخلل لحيته أجزأه وأما تخليل الأصابع سنة لقوله صلى الله عليه وسلم خللوا أصابعكم حتى لا يتخللها نار جهنم وأما اللحية فقد روى المعلي عن أبي يوسف عن أبي حنيفة رحمهم الله تعالى أن مواضع الوضوء ما ظهر منها وخلال الشعر ليس من مواضع الوضوء وهذا إشارة إلى أنه يلزمه امرار الماء على ظاهر لحيته. ووجهه أن البشرة التي استترت بالشعر كان يجب امرار الماء عليها قبل نبات الشعر فإذا استترت بالشعر يتحول الحكم إلى ما هو الظاهر وهو الشعر. وعن أبي حنيفة وزفر رحمهما الله تعالى قالا إن مسح من لحيته ثلثا أو ربعا أجزأه ووجهه أن الاستيعاب في الممسوح ليس بشرط كما في المسح بالرأس * وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى على قال إن ترك مسح اللحية أجزأه لأنه لا يجتمع في عضو واحد غسل ومسح وغسل الوجه فرض فلا يجب المسح فيه واللحية من جملة الوجه فأما تخليل اللحية فقد ذكر محمد رحمه الله تعالى في شرح الآثار أنه بالخيار ان شاء فعل وان شاء لم يفعل فلم يعده من سنن الوضوء كما أشار إليه أبو حنيفة رحمه الله تعالى لأنه باطن لا يبدو للناظر وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى التخليل سنة لحديث ابن عمر رضى الله تعالى عنهما أنه كان يخلل لحيته إذا توضأ وقال أنس رضى الله تعالى عنه رأيت أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم في لحيته كأنها أسنان المشط وقال نزل على جبريل صلوات
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»
الفهرست