المبسوط - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٢٣٩
صلى صلاة المسافر) لأنه من عزم على الانصراف إلى أهله فقد صار مقيما وبعد ما صار مقيما في صلاته لا يصير مسافرا فيها ألا ترى أن المسافر إذا نوى الإقامة في خلال الصلاة يصح والمقيم في السفينة إذا جرت به السفينة لا يصير مسافرا في هذه الصلاة لان السفر عمل وحرمة الصلاة تمنعه عن مباشرة العمل فأما الإقامة ترك السفر وحرمة الصلاة لا تمنع من ذلك فإذا تكلم فقد ارتفعت حرمة الصلاة وهو متوجه أمامه على عزم السفر فصار مسافرا والأصل أن النية متى تجردت عن العمل لا تكون مؤثرة فإذا نوى الإقامة في موضع الإقامة فقد اقترنت النية بعمل الإقامة فصار مقيما وإذا نوى السفر فقد تجردت النية عن العمل ما لم يخرج فلا يصير مسافرا وهو نظير ما لو نوى في عبد التجارة أن يكون للخدمة صار للخدمة ولو نوى في عبد الخدمة أن يكون للتجارة لا يصير لها ما لم يتجر فيه * قال (مسافر صلى في سفره أربعا أربعا فإن كان قعد في كل ركعتين قدر التشهد فصلاته تامة والأخريان تطوع له وإن كان لم يقعد فصلاته فاسدة عندنا) وقال مالك رضى الله تعالى عنه يعيد ما دام في الوقت على كل حال وقال الشافعي رضى الله تعالى عنه صلاته تامة وكان الأربع فرضا له وهو بناء على أن القصر عزيمة في حق المسافر عندنا وقال الشافعي رضى الله تعالى عنه رخصة واستدل بقوله تعالى فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة فهو تنصيص على أن أصل الفرض أربع والقصر رخصة وعن علي بن ربيعة الوابي قال سألت عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه ما بالنا نقصر الصلاة في السفر ولا نخاف شيئا وقد قال الله تعالى ان خفتم فقال أشكل على ما أشكل عليك فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنها صدقة تصدق الله عليكم فاقبلوا صدقته فهو تنصيص على أن القصر رخصة وان عائشة رضى الله تعالى عنها كانت تتم الصلاة في السفر وعثمان رضى الله تعالى عنه صلى بعرفات أربع ركعات واعتبر الصلاة بالصوم فان السفر مؤثر فيها ثم الفطر رخصة ومن صام في السفر كان مؤديا للفرض فكذلك القصر في الصلاة (ولنا) حديث عائشة رضى الله تعالى عنها قالت فرضت الصلاة في الأصل ركعتين الا المغرب فإنها وتر النهار ثم زيدت في الحضر وأقرت في السفر على ما كانت وعن عمر رضى الله تعالى عنه قال صلاة المسافر ركعتان تام غير قصر على لسان نبيكم وعن ابن عمر رضى الله تعالى عنه قال صلاة المسافر ركعتان من خالف السنة فقد كفر وابن عباس رضى الله تعالى عنه قال صلاة المسافر ركعتان وصلاة الفجر
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»
الفهرست