المبسوط - السرخسي - ج ١ - الصفحة ١٧٩
فقدم مقيما صح ذلك) لان المقيم شريكه في هذه الصلاة ولا يتغير به فرض المسافرين بخلاف ما لو نوى الأول الإقامة لأنهم لما قصدوا الاقتداء بالأول فقد ألزموا أنفسهم حكم الاقتداء وما قصدوا الاقتداء بالثاني إنما لزمهم الاقتداء لضرورة الحاجة إلى اصلاح صلاتهم والثابت بالضرورة لا يعدو موضع الضرورة وعلى هذا قلنا لو قدم مسافرا فنوى الثاني الإقامة لا يتغير فرض المسافرين ثم على الثاني أن يتم بهم صلاة المسافرين لأنه خليفة الأول فيأتي بما كان على الأول فإذا قعد قدر التشهد قدم مسافرا ليسلم بهم لأنه عاجز عن التسليم بنفسه لبقاء البناء عليه ثم يقوم هو مع المقيمين فيتمون صلاتهم وحدانا هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى بعرفات أتموا يا أهل مكة صلاتكم فانا قوم سفر فان اقتدوا فيما يقضون فسدت صلاتهم لان الاقتداء في موضع يحق فيه الانفراد كالانفراد في موضع يحق فيه الاقتداء لما بينهما من المخالفة في الحكم وان مضى الإمام الثاني في صلاته حتى أتمها صلاة الإقامة والقوم معه فان قعد في الثانية قدر التشهد فصلاته وصلاة المسافرين تامة لأنه في حق نفسه منفرد لا تتعلق صلاته بصلاة غيره والمسافرون إنما اشتغلوا بالنفل بعد اكمال الفرض فلا يضرهم فأما صلاة المقيمين فاسدة لان عليهم الانفراد في الأخريين فإذا اقتدوا به فسدت صلاتهم فإن لم يقعد الثاني في الركعتين فسدت صلاته وصلاة القوم كلهم لأنه خليفة الأول فيفترض عليه ما على الأول والأول لو ترك القعدة الأولى فسدت صلاته وصلاة القوم فكذلك الثاني إذا تركها فتفسد به صلاة الامام الأول أيضا لأنه كغيره من المقتدين به * قال (امام افتتح الصلاة فركع قبل أن يقرأ ثم رفع رأسه فقرأ وركع وسجد وأدرك معه رجل هذا الركوع الثاني فهو مدرك للركعة) لان الركوع الأول انتقض بالثاني فان الأول سبق أوانه لان أوان الركوع بعد القراءة فما سبقه كان منتقضا والركوع الثاني حصل في أوانه فهو المعتد به وقد أدركه الرجل وإن كان قرأ قبل الركوع الأول فالركوع هو الأول ومن أدرك الركوع الثاني لا يصير به مدركا للركعة لان الأول حصل في أوانه فهو المعتد به والثاني وقع مكررا ولا تكرار في الركوع في ركعة واحدة فالمنتقض ما وقع مكررا وذكر في باب السهو في نوادر أبى سليمان أن المعتبر هو الركوع الثاني ومدركه مدرك للركعة ووجهه أن اعتبار الركوع باتصال السجود به وإنما اتصل السجود بالركوع الثاني دون الأول فكان المنتقض هو الأول والأصح ما ذكر في كتاب الصلاة أن الفرض بالركوع الأول صار
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»
الفهرست