المبسوط - السرخسي - ج ١ - الصفحة ١٧
هذا القول قوله عليه الصلاة والسلام لا صلاة الا بقراءة. وقيل لخباب بن الأرت رضى الله تعالى عنه بم عرفتم قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الظهر والعصر قال باضطراب لحيته وقال قتادة رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمعنا الآية والآيتين في صلاة الظهر أحيانا (وقال) أبو سعيد الخدري رضي الله عنه سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الظهر فظننا أنه قرأ ألم تنزيل السجدة وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في الابتداء يجهر بالقرآن في الصلاة كلها وكان المشركون يؤذونه ويسبون من أنزل ومن أنزل عليه فأنزل الله تعالى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا فكان يخافت بعد ذلك في صلاة الظهر والعصر لأنهم كانوا مستعدين للأذى في هذين الوقتين ويجهر في صلاة المغرب لأنهم كانوا مشغولين بالأكل وفى صلاة العشاء والفجر لأنهم كانوا نياما ولهذا جهر في الجمعة والعيدين لأنه أقامها بالمدينة وما كان للكفار بها قوة الأذى.
وقد صح رجوع ابن عباس رضي الله عنه عن هذا القول فان رجلا سأله أأقرأ خلف امامي فقال أما في الظهر والعصر فنعم وتأويل قوله عجماء أي ليس فيها قراءة مسموعة ونحن نقول به * وحد القراءة في هاتين الصلاتين أن يصحح الحروف بلسانه على وجه يسمع من نفسه أو يسمع منه من قرب أذنه من فيه فأما ما دون ذلك فيكون تفكرا ومجمجة لا قراءة فإن كان وحده يخافت في هاتين الصلاتين كالامام فاما في صلاة الجهر فيتخير فإن شاء خافت لان الجهر لاسماع من خلفه وليس خلفه أحد وان شاء جهر وهو أفضل لأنه يكون مؤديا صلاته على هيئة الصلاة بالجماعة والمنفرد مندوب إلى هذا وكذلك في التهجد بالليل ان شاء خافت وان شاء جهر وهو أفضل لما روى عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم في تهجده كان يؤنس اليقظان ولا يوقظ الوسنان. ومر النبي صلى الله عليه وسلم بأبي بكر وهو يتهجد ويخفي بالقراءة وبعمر وهو يجهر بالقراءة وببلال وهو ينتقل من سورة إلى سورة فلما أصبحوا سأل كل واحد منهم عن حاله فقال أبو بكر رضي الله عنه كنت أسمع من أناجيه وقال عمر رضي الله عنه كنت أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان وقال بلال رضي الله عنه كنت أنتقل من بستان إلى بستان فقال لأبي بكر ارفع من صوتك قليلا ولعمر اخفض من صوتك قليلا ولبلال إذا ابتدأت سورة فأتمها وكان ابن ليلى رحمه الله يقول يتخير الامام في التسمية بين الجهر والمخافتة وهذا مذهبه في كل ما اختلف فيه الأثر كرفع اليد عند الركوع وتكبيرات العيد ونحوها
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست