حاشية الدسوقي - الدسوقي - ج ٢ - الصفحة ١١٦
أي ما يحفظ الحياة فالمراد بالرمق الحياة وبسدها حفظها، قال المواق: انظر هذا فإنه مذهب أبي حنيفة والشافعي ولم يعزه أبو محمد لاحد من أهل المذهب، ونص الموطأ: ومن أحسن ما سمعت في الرجل يضطر إلى الميتة أنه يأكل منها حتى يشبع ويتزود منها فإن وجد عنها غنى طرحها اه‍. وبه تعلم أن عزو تت وخش ما ذكره المصنف لمالك فيه نظر اه‍ بن. لكن ابن ناجي في شرح الرسالة نقل عن عياض أن عبد الوهاب نقله رواية عن مالك وحينئذ فلا نظر وتناول قوله وللضرورة ما يسد المتلبس بالمعصية كما هو مختار ابن يونس وشهره القرافي خلافا لمن قال: لا يباح له تناول الميتة وتمسك بظاهر قوله تعالى: * (فمن اضطر غير باغ ولا عاد) *. * (فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم) *. وأجاب المشهور بأن المراد غير باغ في نفس الضرورة بأن يتجانف ويميل في الباطن لشهوته ويتمسك في الظاهر بالضرورة كأنه قيل: فمن اضطر اضطرارا صادقا فإذا عصى في نفس السبب المبيع كان كذب في الضرورة وبغى وتعدى فيها وتجانف الاثم كانت كالعدم. قوله: (وضالة الإبل) ودخل أيضا جميع الحيوانات الميتة قوله: (نعم تقدم الميتة عليها) أي على ضالة الإبل عند اجتماعهما ويعلم منه أن ضالة الإبل تتعين عند انفرادها وتقدم عليها الميتة عند اجتماعهما وهذا ما يفيده نقل المواق عن ابن القاسم قوله: (وأما الآدمي فلا يجوز تناوله) أي سواء كان حيا أو ميتا ولو مات المضطر هذا هو المنصوص لأهل المذهب، وتقدم آخر الجنائز أن بعضهم صحح أكله للمضطر إذا كان ميتا ولا فرق بين المسلم والكافر فيما ذكر. قوله: (عند عدم ما يسيغها به) ويصدق في أنه فعل ذلك للغصة إن كان مأمونا وإلا فلا إلا لقرينة فيعمل عليها اه‍ خش.
قوله: (على خنزير) أي سواء كان ذلك الخنزير حيا أو ميتا انظر بن. قوله: (وصيد لمحرم) المراد بالصيد هنا المصيد يعني الحي بدليل قوله: إلا لحمه، وأما الاصطياد فهو أحرى بتقديم الميتة عليه، وحاصل كلام المصنف أن المضطر إذا كان محرما ووجد ميتة وصيدا حيا صاده محرم أو أعان على صيده فإنه يجب عليه أن يقدم الميتة على الصيد الحي الذي صاده المحرم أو أعانه عليه، ومحله ما لم تكن الميتة متغيرة يخاف على نفسه من أكلها وإلا قدم الصيد المذكور انظر التوضيح، كما أنه لو كان حلالا فإنه يقدم صيد المحرم عليها. قوله: (ولم يذك الصيد) أي لأنه بذكاته يكون ميتة. قوله: (لا لحمه) أي إذا وجد المضطر المحرم ميتة وصيدا قد صاده محرم أو صيد له وصار لحما فلا يقدم الميتة عليه بل يقدمه عليها، وعلم مما ذكرنا أن الصور ثلاث: الأولى الاصطياد تقدم الميتة عليه لما فيه من حرمة الاصطياد وحرمة ذبح الصيد. الثانية: الصيد الحي الذي صاده المحرم قبل اضطراره تقدم الميتة أيضا عليه ولا يجوز له ذبحه لأنه إذا ذبحه صار ميتة فلا فائدة في ارتكاب هذا المحرم. الثالثة: إذا كان عنده صيد صاده هو أو غيره لمحرم وذبح قبل اضطراره فهذا مقدم على الميتة ولا تقدم الميتة عليه لان لحم صيد المحرم حرمته عارضة لأنها خاصة بالاحرام بخلاف الميتة فحرمتها أصلية، وهذه الصورة هي المشار لها بقوله: لا لحمه هذا أحسن ما يقرر به كلامه. قوله: (بل يقدم) أي طعام الغير ندبا على الميتة هذا عند اجتماعهما، وأما عند الانفراد فيتعين ما وجد، قال في الذخيرة: وإذا أكل مال مسلم اقتصر على سد الرمق إلا أن يعلم طول الطريق فليتزود لان مواساته تجب إذا جاع. واعلم أن اشتراط عدم خوف القطع إنما هو إذا وجد الميتة وإلا أكله ولو خاف القطع كما في عج لان حفظ النفوس مقدم على حفظ العضو خلافا لما في عبق، وحيث أكل طعام الغير فلا يضمن قيمته كما نقله المواق عن الأكثر، وقال ابن الجلاب: يضمن، ومحل الخلاف إذا كان المضطر معدما وقت الأكل أما إن وجد معه الثمن أخذ كما مر. قوله: (إن لم يخف القطع) أي فيما في سرقته القطع كتمر الجرين وغنم المراح. وقوله: أو الضرب أو الأذى أي فيما لا قطع في سرقته. فإن قلت: المضطر إذا ثبت اضطراره لا يقطع ولا يضرب ولو كان معه
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»
الفهرست