مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٨ - الصفحة ١٢٣
هذا كله يمينا واحدة، لم يكن له ذلك لان الميراث لا يحاط بالحقوق فيه. وقد تقدم في فصل الجواب عن الدعوى حكم هذه المسألة وفيها من الخلاف غير هذا انتهى. وفي الفصل الثاني من مفيد الحكام ابن أبي زمنين: ومن لزمتك له يمين بلا بينة إلا بمجرد الدعوى في قول من يرى ذلك، فلك أن تقول له أجمع دعاويك كلها قبلي لأدخلها في يميني، ولو لزمتك له بسبب ميراث لم يكن لك أن تقول أجمع دعاويك كلها لأدخلها في يميني، لان الميراث لا يحاط بالحقوق فيه، وهذا الذي أخذنا عن مشيختنا انتهى. ولم يحك فيه خلافا وبهذا جرى العمل في هذا الزمان. وذكر في التبصرة بعد هذه المسألة في الموضع الثاني مسألة من الوثائق المجموعة تشهد لهذا، وهي من ادعى بحقوق وزعم أنه لا بينة له على بعضها وله بينة على بعضها وأراد استحلافه فيما لا بينة له فيه ويبقى على إقامة البينة فيما له فيه بينة، فإنه إن التزم إنه إن لم تقم له بينة فيما زعم أن له فيه بينة لم تكن له يمين على المدعى عليه فإنه يحلفه الآن، فإن أقام البينة وإلا فلا يمين له عليه. وإن لم يلتزم ذلك لم يستعمل يمينه حتى يقيم البينة، فإن أقامها وإلا جمع دعاويه وحلف له على الجميع. انتهى.
فرع: وإذا قلنا إن الدعاوى تجتمع في يمين واحدة، فإذا كان بعضها مما تغلظ فيه اليمين، وبعضها لا تغلظ فيه اليمين فإن من وجبت عليه اليمين يخير بين أن يحلف يمينا واحدة في المسجد وبين أن يحلف على ما لا تغلظ فيه في غير المسجد، ثم يحلف أخرى في المسجد.
ذكره ابن سهل في ترجمة جمع الدعاوى في يمين واحدة.
تنبيه: قوله: ثم مدعى عليه هذا إذا كان المدعى عليه ممن يصح إقراره، فإن كان ممن لا يصح إقراره فقال ابن فرحون في تبصرته: ليس للحاكم أن يسمع الدعوى على من لا يصح إقراره. قاله في الفصل الثالث في تقسيم المدعى عليهم. واعلم أن الدعوى على المحجور على ثلاثة أقسام: القسم الأول: أن يدعى عليه بما لا يلزمه، ولو قامت به البينة كالبيع والشراء والسلف والابراء فهذا لا يسمع القاضي الدعوى به ولا البينة. والقسم الثاني: ما يلزمه في ماله إذا قامت به البينة ولا يلزمه بإقراره كالغصب والاستهلاك والاتلاف واستحقاق شئ من ماله ونحو ذلك من الجراح التي لا توجب القصاص وإنما توجب المال، فهذا يسمع القاضي الدعوى به ويكلف المدعي إثبات ما ادعاه ويحكم به في مال المحجور، ولا يكلف المحجور وإقرارا ولا إنكارا. القسم الثالث: ما يلزم المحجور إذا أقر به كالطلاق والجراح التي توجب القصاص إذا كان المحجور بالغا، فهذا تسمع الدعوى فيه ويكلف الاقرار والانكار. وهذا التقسيم مأخوذ من كلام ابن فرحون المشار إليه، وما ذكره في باب الحجر من أنه يلزمه الطلاق والحدود ونحو ذلك فتأمله والله أعلم. وأما عكس هذا وهو دعوى المحجور على غيره فقال في معين الحكام:
يجوز للمحجور طلب حقوقه كلها عند قاض أو غيره ولا يمنع من ذلك في حضور وصيه أو غيبته، قال ابن بكير: وله أن يوكل على ذلك ليعلم ما يتوجه إليه وخالفه غيره في ذلك انتهى.
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست