مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ٥٧٨
ارتهن عبدا فأعاره لرجل بغير أمر الراهن فهلك عند المعار بأمر من الله لم يضمن هو ولا المستعير، وكذلك إن استودعه رجلا إلا أن يستعمله المودع أو المستعير عملا أو يبعثه مبعثا يعطب في مثله فيضمن انتهى. وقال في الذخيرة بعد قوله يعطب في مثله ما نصه: فحينئذ يتعين أنك تسببت في هلاكه فتضمن انتهى. وقال ابن يونس: قال سحنون: المرتهن ضامن لتعديه. ابن يونس: وقيل الأشبه في هذا وأمثاله أنه يضمن لأنه نقل الرقبة بغير إذن صاحبها على وجه الاستعمال، فوجب عليه الضمان كتعديه على الدابة الميل ونحوه فعطبت في ذلك أنه يضمن مع علمنا أن الميل لا تعطب في مثله. فإن قيل: يحتمل أن يكون مثل هذا في العبد ليس نقل رقبة لأن للمرتهن أن يسيره في مثل ذلك وإن لم يؤذن له في استخدامه فصار إنما يضمن للاستعمال. قيل: نقله إلى دار غيره يستعمله تعد من ذلك وإن لم يؤذن له في استخدامه فصار المرتهن إلى نقل رقبته على هذه الصورة لأنه إنما يجوز له أن يبعثه في حاجة خفيفة، فأما بعثه في حاجة ليستعمله فذلك تعد والمتعدي على المنافع إن كان لا يوصل إليها إلا بنقل الرقاب يضمن هما قلنا في الذي تعدى على المنفعة الميل ونحوه فهلك أنه يضمن انتهى. وقال في النوادر: وفي كتاب الرهون في ترجمة تعدي المرتهن ومن المجموعة قال سحنون: وإذا تعدى المرتهن فأودع العبد الرهن أو أعاره بغير إذن ربه فإنه يضمنه، هلك بأمر من الله أو بغير ذلك. ومن كتاب ابن المواز: ومن ارتهن عبدا فأودعه غيره فمات فلا ضمان عليه انتهى. وفي أحكام ابن سهل في آخر الاستحقاق في ترجمة مسألة المنديل: إنه إذا سافر المرتهن وترك الرهن في بيته مهملا ولم يودعه أنه ضامن، وكان ينبغي له عند سفره أن يضعه عند أمين فلذلك ضمنه.
تنبيه: علم من كلام المدونة المتقدم وكلام ابن يونس أن للمرتهن أن يستعمل العبد الرهن فيما خف بغير إذن سيده، ومثله في كتاب الوديعة والديات والإجارة في العبد المودع والمستأجر من غير إذن سيده والله أعلم.
الثالث: من ارتهن رهنا وشرط أن يجعله على يد عدل ثم زعم المرتهن أن الرهن ضاع عند الذي وضعه على يده وليس للمرتهن بينة أنه وضعه إلا قوله وقول العدل قال ابن القاسم:
إن كان الذي زعم أنه وضعه على يده عدلا فلا ضمان عليه ويرجع بجميع حقه على الراهن.
قاله في رسم أوصى من سماع عيسى من الرهون. وحكى ابن رشد عن أصبغ أنه ضامن. قال:
إن وضعه على يد غير عدل ضمنه وإن قامت البينة على تلفه، فإن ادعى أنه لم يعلم أنه غير عدل وإنما دفعه وهو يظن أنه عدل صدق إلا أن يكون معلنا بالفسق مشهورا به. ومثله من دفع له شئ ليدفعه إلى ثقة قال: ولا ضمان على المودع على يديه كان عدلا أو غير عدل انتهى. ونحوه قول ابن سهل في أول كتاب الحدود في غلام ادعى يهودي أنه مملوكه والغلام يزعم أنه حر وأنه يكره على التهود، فوضعه القاضي عند أمين حتى يكشف عن أمره
(٥٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 573 574 575 576 577 578 579 580 581 582 583 ... » »»
الفهرست