مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ٥٤٩
أو السلف، وأما إن كان الامر ليس كذلك فسد البيع والسلف لأنه لا يدرى ما يصح له في ثمن السلعة الثمن أو الرهن، وكذلك في السلف لا يدرى هل يرجع إليه ما سلف أو الرهن، فإن عثر على ذلك قبل الاجل أو بعده فسخ البيع إن لم تفت السلعة بحوالة سوق فأعلا، فتكون فيها القيمة حالة ويصير السلف حالا ويكون المرتهن أولى بالرهن من الغرماء حتى يأخذ حقه لأنه وقع عليه البيع ولو كان هذا الرهن بعد أن صح البيع أو السلف لم يفسخ إلا الرهن وحده ويأخذه ربه به ويبقى البيع والسلف بلا رهن إلى أجله، ولا يكون المرتهن أحق بهذا الرهن في فلس ولا موت كقولهم فيمن له على الرجل دين إلى أجل فأخذ منه قبل الاجل رهنا على أن يؤخره إلى أبعد من الاجل لأنه لا يجوز لأنه سلف بنفع.
قال غير ابن القاسم: ولا يكون الرهن به ورهنا وإن قبض في فلس الغريم أو موته. قال أبو الحسن: فحمل أبو محمد وابن يونس مسألة الكتاب على أنهما في أصل العقد. وقال عياض: ظاهر المسألة أن الرهن بعد عقد البيع في ثمن حال فأخره به لأجل الرهن، فاستوى هنا فيه البيع والقرض لأنه في هذه المسألة في البيع إذا كان بعد العقد كان تأخيره على هذا الرهن كالسلف عليه وصار بيعا فاسدا باع منه هذا الرهن بهذا الدين إلى ذلك الاجل بشرط إن لم يوفه دينه، فإن وفاه فلا بيع بينهما فصار من بيع الغرر والبيع والسلف مرة بيعا ومرة سلفا فيرد ويفسخ هذا الشرط ولا ينتظر به الاجل، فيأخذ صاحب السلف سلفه والبائع ثمن سلعته، لأن البيع الأول صح وإنما دخل الفساد في الرهن في ثمنه ويكون هنا أحق برهنه حتى يأخذ حقه لأنه بمعنى الرهن أخذه اه‍. ولا معارضة بين كلام ابن يونس وعياض فيما إذا وقع الرهن بعد تمام البيع والسلف لا في حمل لفظ المدونة. ولا في المعنى لأن عياضا إنما قال: إنه يكون أحق به لأنه فرض أن الثمن والسلف حالان وإنما أخره به لأجل الرهن فكأنه ابتدأ حينئذ سلفا على رهن. وقد تقدم في كلام ابن يونس أن السلف إذا وقع على رهن فاسد أنه يفسخ ويصير السلف حالا ويكون المرتهن أحق بالرهن من الغرماء، وأما ابن يونس ففرض المسألة على أن السلف والثمن مؤجلان وتطوع له بالرهن بشرط أنه إن مضى الاجل ولم يوفه حقه فالرهن له بحقه، فهذا رهن فاسد وقع بعد تمام البيع والسلف فيرد ولا يكون أحق به من الغرماء كما سيأتي في كلامه وكلام عياض عن ابن حبيب فتأمله. ويؤخذ هذا أيضا من قول الشيخ أبي الحسن أراد بعضهم أن يعارضها على ما قال عياض بمسألة كتاب التفليس فيمن له على رجل دين إلى أجل فأخره برهن إلى أبعد أنه لا يكون الرهن به رهنا، وهذه المعارضة لا تصح لأن عياضا. قال: من ثمن حال فأخره به لأجل الرهن.
الشيخ: وقول عياض أنه بعد العقد يظهر من قوله فرهنك به والفاء للترتيب، ومن قوله وينقض هذا الرهن، ولو كان في أصل العقد لقال ينقض البيع. اه‍ كلام الشيخ أبي الحسن.
وكلام عياض في التنبيهات فيه إشارة إلى ما تقدم ونصه إثر كلامه المتقدم وفي كتاب ابن
(٥٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 544 545 546 547 548 549 550 551 552 553 554 ... » »»
الفهرست