مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٤٢٨
القول من جن قائما أو قاعدا بحضرة قوم ولم يحسوا أنه خرج منه شئ واعترض كلام اللخمي من وجهين: الأول لابن بشير أن عبد الوهاب أطلق عليهما أنهما سببان إلا أنه أوجب عنهما الوضوء دون تفصيل. والثاني لبعض شيوخنا أنه لا يلزم من عدم إحساسهم عدم الحدث ويلزمه مثل ذلك في النوم انتهى. وأصل هذا الكلام لابن عرفة نقله عن اللخمي ولفظه: وكون الجنون والاغماء حدثا أو سببا نقلا. اللخمي عن ابن القاسم مع مالك والقاضي الخ. وحاصله أن مالكا وابن القاسم قالا: إن الجنون والاغماء ينقضان دون تفصيل. ففهم اللخمي عنهما أنهما عندهما حدثان ولا يلزم ذلك لما تقدم. وأما النوم فاختلف فيه، قال ابن عرفة وقال أبو الفرج: روى عن ابن القاسم أنه حدث والمشهور أنه سبب انتهى.
قلت: طريقة اللخمي - وهي التي مشى عليها المصنف - أن الثقيل الطويل ينقض بلا خلاف، والثقيل القصير فيه خلاف والمشهور النقض، والقصير الخفيف لا ينقض بلا خلاف، والطويل الخفيف يستحب منه الوضوء. قال الشيخ زروق في شرح الرسالة: وعلامة الاستثقال سقوط شئ من يده أو انحلال حبوته أو سيلان ريقه أو بعده عن الأصوات المتصلة به ولا يتفطن لشئ من ذلك انتهى. قال في المدونة: ولا وضوء على من نام محتبيا. قال ابن هارون في شرحه: يعني إذا (استيقظ لحل حبوته، وأما لو لم يشعر بحلها لزمه الوضوء، وكذلك من بيده مروحة واستيقظ لسقوطها فلا وضوء عليه وإلا توضأ انتهى.
فرع: قال ابن المنير في تيسير المقاصد: ويغتفر النعاس الخفيف والأولى لائمة المساجد تجديد الوضوء.
تنبيهات: الأول: ظاهر كلام المدونة إن خنق الجن غير الجنون وهكذا قال في الذخيرة:
المظنة الرابعة الخنق من الجن. الخامسة الاغماء. السادسة ذهاب العقل بالجنون لا بالجن.
الثاني: قال أبو الحسن: قوله: أو سكر يريد وإن كان من حلال قال في الام أو سكر من لبن.
الثالث: قال الفاكهاني في شرح الرسالة: قوله: من زوال العقل الأولى أن يقول من استتاره لان العقل لا يزول بالنوم ولا بإغماء والسكر إنما يستتر خاصة، وكذا القول في المجنون يخبطه الجن ثم يعود إلى حاله، هذا هو الذي يقوى في النفس - والله أعلم - بخلاف المجنون المطبق الذي لا يتفق فإنه قد زال عقله لا محالة فلا ينبغي أن يقال زوال العقل إلا على طريق الاتساع والمجاز انتهى.
الرابع: ما ذكر ابن عرفة وابن ناجي عن اللخمي يقتضي أنه نقل أن مالكا وابن القاسم نصا على أنهما حدثان، وكلام اللخمي يقتضي أنه إنما فهم ذلك من كلامهما ونصه: ويختلف في المغمى عليه والمجنون فقال مالك: عليه الوضوء. وقال ابن القاسم: لو خنق قائما أو قاعدا كان عليه الوضوء. وهذا موافق لما ذكر عنه أولا أن النوم حدث.
(٤٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 ... » »»
الفهرست