مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ١٣٣
ظاهره لا يغسل لا وجوبا ولا استحبابا. أما وجوبا فنعم، وأما استحبابا فقد روي عن مالك أنه قال: غسله أحب إلي. نقل ذلك الشيخ تقي الدين انتهى. بالمعنى والاستحباب ظاهر ولو لم يكن إلا للخروج من الخلاف والله أعلم. ولا بد من تقييد ذلك بما إذا خرج في حال الحياة كما صرح به في اللباب وهو ظاهر. ص: (إلا المتغذي بنجس) ش: يريد ولو بشرب ماء نجس.
تنبيه: قال البساطي: استثني المتغذي بنجس فإنه نجس وله ثلاث حالات: الأولى: أن يكون محبوسا لا يصل للنجاسة فهو كغيره، والثانية: إن شوهد استعماله لها فبوله وعذرته نجسان، الثالثة: أن ينفي عنه كل منهما فيحمل على النجاسة تغليبا.
قلت: ما ذكره في الحالة الثالثة غير ظاهر ومخالف لما قاله مالك في رسم مرض من سماع ابن القاسم من كتاب الطهارة في الحمام يصيب أرواث الدواب أحب إلي أن لو أعاد في الوقت من صلى بخربتها. قال ابن رشد: إنما ذلك إذا علم من حالها أنها تأكل أرواث الدواب ولم يتحقق أنها أكلتها، ولو تحقق لقال: إنه يعيد في الوقت على كل حال لان ذرق ما يأكل النجس عنده نجس انتهى. ويريد إذا صلى به غير عامد، وأما العامد فيعيد أبدا. ثم قال في الرسم الذي بعده: وسئل مالك عن خرء الحمام يصيب الثوب. قال: هو عندي خفيف وغسله أحب إلي يعني ابن رشد هذا إذا لم يعلم أنها أكلت نجاسة على ما تقدم في الرسم الذي قبله انتهى. وسئل ابن رشد عن ذرق الخطاف الذي عيشه الذباب على قول مالك أنه لا تؤكل الجراد وشبهها إلا بذكاة، فأجاب ذرق الطير طاهر على قول مالك الذي يرى الفضلتين تابعتين للحوم. وقال في رسم مرض من سماع ابن القاسم في رواية أصبغ: إن ذرق البازي نجس وإن أكل ذكي إن ذلك على الرواية التي منع من أكل ذي مخلب من السباع والله أعلم.
فعلم من هذا أن الحيوان إذا كان من شأنه أن يأكل النجاسة ولم يتحقق أكله لها فأمره خفيف يستحب غسل روثه وهو خلاف ما دل عليه كلام البساطي والله أعلم.
فرع: إذا ذبح الحيوان الذي يتغذى بالنجاسة فإنه يعمل موضع الغذاء منه ككرشه وأمعائه. قاله ابن يونس في كتاب الصيد لما تكلم على الحوت يوجد في بطن الطير الميت، وهذا إذا ذبح بحدثان استعماله للنجاسة كما يفهم ذلك من كلام ابن يونس. ص: (وقئ إلا المتغير عن الطعام) ش: هذا كقوله في المدونة: وما خرج من القئ بمنزلة الطعام فهو طاهر، وما تغير عن حال الطعام فنجس فظاهر المدونة وكلام المصنف أن المتغير نجس كيفما كان
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست