إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٤ - الصفحة ٦٣
مستقل وإنما ذكر عقب العدة لاشتراكهما في أصل البراءة وخص بهذا الاسم لأنه اكتفى فيه بأقل ما يدل على براءة الرحم كحيضة في ذوات الحيض وشهر في ذوات الأشهر بخلاف العدة فإنه لما لم يكتف فيها بذلك خصت باسم العدة المأخوذة من العدد لاشتمالها عليه غالبا. والأصل فيه قوله (ص) في سبايا أوطاس: ألا لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة وأوطاس بضم الهمزة أفصح من فتحها: اسم واد من هوازن عند حنين: وقاس الشافعي رضي الله عنه غير المسببة عليها بجامع حدوث الملك، ومن لا تحيض بمن تحيض في اعتبار قدر الطهر والحيض وهو شهر غالبا (قوله: وهو) أي الاستبراء. وقوله شرعا الخ: أي وأما لغة فهو طلب البراءة وقد يطلق بمعنى تحصيلها والاتصاف بها، كما في قوله (ص): فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه أي حصل برأتهما واتصف بها (قوله:
تربص بمن فيها رق) أي صبر وانتظار بمن فيها رق ولو مبعضة، والمتربص بها هو السيد فيما إذا أراد التمتع بها أو تزويجها أو هي نفسها فيما إذا زال فراشه عنها بعتقها، فلا بد من أن تتربص وتنتظر نفسها بنفسها، ولا يجوز لها أن تتزوج حالا.
وقد يكون الاستبراء في الحرة كما إذا كان لها ولد من غير زوجها ومات ذلك الولد فإنه يسن له استبراؤها لأنها ربما تكون حاملا فيكون الحمل أخا للميت من الام فيرث منه السدس، ولو عبر بالمرأة كما في شرح المنهج لكان أولى لشمولها الحرة وغيرها. وقوله: عند وجود سبب مما يأتي: وهو حدوث الملك أو زوال الفراش، وهذا باعتبار الأصل والغالب، وإلا فقد يجب الاستبراء بغير ذلك كأن وطئ أمة غيره يظن أنها أمته فيجب فيها الاستبراء لأنها في نفسها مملوكة والشبهة شبهة ملك اليمين. وخرج بيظن أنها أمته ما لو ظنها زوجته الحرة فإنها تعتد بثلاثة قروء أو زوجته الأمة فتعتد بقرءين (قوله:
للعلم الخ) علة لمقدر: أي وإنما شرع التربص ليحصل العلم بالبراءة، وهذا فيمن تحبل. وقوله أو للتعبد: وهذا في البكر، ومن استبرأها بائعها قبل بيعها والمشتراة من صبي أو امرأة (قوله: يجب استبراء) أي على السيد بالنسبة لما إذا أراد التمتع بأمته أو تزويجها بعد أن وطئها أو عليها بالنسبة لزوال الفراش عنها بعتقها بموته أو إعتاقها فيجب عليها أن تستبرئ نفسها بنفسها فلا يحل لها أن تتزوج قبل ذلك - كما تقدم - وقد يستحب الاستبراء كما في الحرة السابقة وكما في الأمة التي اشتراها زوجها فتستبرئ استحبابا ليتميز ولد النكاح عن ولد ملك اليمين فإنه في النكاح ينعقد مملوكا ثم يعتق بالملك وفي ملك اليمين ينعقد حرا وتصير أمه أم ولد، وكما في الأمة الموطوءة فإنه يستحب لمالكها قبل بيعها استبراؤها ليكون على بصيرة (قوله: لحل تمتع) تعليل لوجوب الاستبراء: أي وإنما وجب لأجل حل التمتع بها. وقوله أو تزويج:
معطوف على تمتع: أي أو لحل تزويج فلا يحل للسيد أن يزوج أمته على غيره إلا بعد استبرائها لكن بشرط أن يكون قد وطئها، ويعلم منه أن الاستبراء إنما يجب على الرجل دون المرأة لأنها لا تستمتع بجاريتها ولان شرط وجوب الاستبراء في صورة التزويج الآتية أن تكون الأمة موطوءة لسيدها وهذا لا يتأتى في المرأة اه‍. جمل (قوله: بملك أمة الخ) ذكر لوجوب الاستبراء سببين ملك الأمة: أي حدوثه وزوال فراشه ويرد على الأول ما لو فسخت المكاتبة كتابة صحيحة الكتابة أو فسخها السيد عند عجزها عن النجوم فيجب استبراؤها مع عدم حدوث الملك وما لو أسلمت الأمة المرتدة أو السيد المرتد أو أسلما معا بعد ردتهما فإنه يجب استبراؤها مع عدم ذلك، ويرد على الثاني ما لو أراد تزويج موطوءته مستولدة كانت أو غيرها فإنه يجب استبراؤها قبل تزويجها مع أنها عند إرادة التزويج لم يزل فراشه عنها. وأجيب بأن هذين سببان باعتبار الأصل والغالب. وهذه الصور جاءت على خلاف ذلك وقال بعضهم: ما ذكر ليس بسبب حقيقة والسبب في الحقيقة إنما هو حل التمتع أو روم التزويج ولكل منهما أسباب: فمن أسباب الأول الملك، ومن أسباب الثاني وطؤه الأمة التي يريد تزويجها. ويمكن حمل كلام المؤلف عليه بجعل قوله: لحل تمتع أو تزويج علة لوجوب الاستبراء، وجعل الباء من قوله بملك الخ سببية مرتبطة بحل التمتع لا بوجوب الاستبراء في المتن: أي يجب الاستبراء لأجل حل التمتع ولأجل حل تزويجها والأول يحصل بسبب ملك الأمة والثاني يحصل بزوال الفراش عنه على اللف والنشر المرتب (قوله: ولو معتدة) غاية في وجوب الاستبراء بملك الأمة: أي يجب بذلك ولو كانت الأمة التي استبرأها معتدة بوطئ شبهة مثلا.
وعبارة الجمل: قوله ولو معتدة، أي فيجب عليها الاستبراء بعد انقضاء العدة وهذا بالنسبة لحل التمتع، أما بالنسبة لحل
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست