إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٤ - الصفحة ١٧٣
إذا كان هناك ولد ينفيه، فإن لم يكن هناك ولد فالأولى له أن يستر عليها مع إمساكها أو مع طلاقها فهو مخير في ذلك، فقوله بعد وأن يطلقها الخ بيان لهذين الحالين، وقوله فإن أحبها أمسكها: في البجيرمي: قال الحلبي فيه تصريح بأن له إمساكها مع علمه بأنها تأتي الفاحشة. اه‍. (قوله: إذا سب شخص آخر للآخر أن يسبه) أي لخبر أبي داود أن زينب لما سبت عائشة رضي الله عنها قال لها النبي (ص) سبيها وإذا سبه فقد استوفى حق نفسه، ويبقى على الأول إثم الابتداء لما فيه من الايذاء، والاثم لحق الله تعالى. قال في التحفة: كذا قاله غير واحد، والذي يتجه أنه لا يبقى عليه إلا الثاني لأنه إذا وقع الاستيفاء بالسبب المماثل فأي ابتداء يبقى على الأول للثاني حتى يكون عليه إثم؟ وإنما الذي عليه الاثم المتعلق بحق الله، فإذا مات ولم يتب عوقب عليه إن لم يعف عنه. اه‍. بتصرف. (وقوله: بقدر ما سبه) قال ح ل: أي عددا لا مثل ما يأتي به الساب لان الذي يأتي به الساب قد يكون كذبا وقذفا وهو لا يسب بنظيره، (وقوله: مما لا كذب فيه ولا قذف) بيان للقدر الصادر من الثاني فهو متعلق بمحذوف حال منه: أي حال كون هذا القدر الذي يسبه به ليس فيه كذب ولا قذف وليس بيانا لما الواقعة على السب الصادر من السب الأول، ويدل على ذلك عبارة شرح المنهج ونصها: وإنما يسبه بما ليس كذبا ولا قذفا. اه‍. وكتب عليها البجيرمي: قوله بما ليس كذبا ولا قذفا وإن كان ما أتى به الأول كذبا وقذفا، وقد يقال في هذا لم يسبه بقدر ما سبه ح ل. ويدفع بأن المراد قدره عددا لا صفة كما ذكره. اه‍. (قوله: كيا ظالم ويا أحمق) تمثيل لما لا كذب فيه ولا قذف، وذلك لأنه ليس هنا أحد يكاد ينفك عن ذلك والأحمق هو من يفعل الشئ في غير موضعه مع علمه بقبحه. وفي المصباح الحمق فساد في العقل.
تنبيه: قال في المغني: يجوز للمظلوم أن يدعو على ظالمه كما قاله الجلال السيوطي في تفسير قوله تعالى: * (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم) * قال: بأن يخبر عن ظلم ظالمه ويدعو عليه: اه‍. ويخفف عن الظالم بدعاء المظلوم لما رواه أحمد في كتاب الزهد عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: بلغني أن الرجل ليظلم مظلمة فلا يزال المظلوم يشتم الظالم وينقصه حتى يستوفي حقه وفي الترمذي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي (ص) قال من دعا على من ظلمه فقد استنصر وفي كتاب اللطائف للقاضي أبي يوسف أن امرأة من بني إسرائيل كانت صوامة قوامة سرقت لها امرأة دجاجة فنبت ريش الدجاجة في وجه السارقة وعجزوا عن إزالته عن وجهها، فسألوا عن ذلك بعض علمائهم فقالوا:
لا يزول هذا الريش إلا بدعائها عليها، فلم تزل تكرر ذلك حتى سقط جميع الريش. اه‍. (قوله: وثالثها) أي الحدود (قوله: حد الشرب) أي شرب كل مسكر، وهو من الكبائر لقوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر) * أي القمار و * (الأنصاب) * أي ما ينصب ليعبد من دون الله * (والأزلام) * أي القداح التي يضرب بها * (رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون) * وقوله عليه الصلاة والسلام: لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، ومبتاعها، وبائعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه زاد في رواية: وآكل ثمنها وقوله عليه السلام من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يشرب الخمر وقوله عليه الصلاة والسلام: اجتنبوا الخمر فإنها مفتاح كل شر وقوله عليه الصلاة والسلام: إذا تناول العبد كأس الخمر ناداه الايمان: أنشدك بالله أن لا تدخله علي فإني لا أستقر أنا وهو في

(1) سورة النساء، الآية: 148.
(2) سورة المائدة، الآية: 90.
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست