إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٤ - الصفحة ١١
وخرج بقولي بغير حق ما إذا أكره بحق (قوله: وكأن قال: مستحق القود طلق زوجتك وإلا قتلتك بقتلك أبي) تمثيل للاكراه بحق. قال سم: هذا يدل على أن المراد بالاكراه بحق ما يعم كون المكره به حقا لا خصوص كون نفس الاكراه حقا فإنه ليس له الاكراه على الطلاق وإن استحق قتله. اه‍. قال في المغني: وصور جمع الاكراه بحق بإكراه القاضي المولي بعد مدة الايلاء على طلقة واحدة، فإن أكره على الثلاث فتلفظ بها لغا الطلاق لأنه يفسخ بذلك وينعزل به.
فإن قيل: المولى لا يؤمر بالطلاق عينا بل به أو بالفيئة، ومثل هذا ليس إكراها يمنع الوقوع.
أجيب: بأن الطلاق قد يتعين في بعض صور المولى كما لو آلى وهو غائب فمضت المدة فوكلت بالمطالبة فرفعه وكيلها إلى قاضي البلد الذي فيه الزوج وطالبه، فإن القاضي يأمره بالفيئة باللسان في الحال وبالمسير إليها وبالطلاق، فإن لم يفعل ذلك أجبر على الطلاق عينا. هكذا أجاب به ابن الرفعة وهو إنما يأتي تفريعا على مرجوح، وهو أن القاضي يكره المولي على الفيئة أو الطلاق والأصح أن الحاكم هو الذي يطلق على المولى الممتنع وحينئذ فلا إكراه أصلا حتى يحترز عنه بغير حق. اه‍. ببعض تصرف (قوله: أو قال رجل لآخر الخ) محترز قوله عاجلا (قوله: فطلق) أي في الصورتين.
وقوله فيقع: أي الطلاق. وقوله فيهما: أي في صورة القود، وفي صورة الوعد بالقتل في المستقبل (قوله: بصريح) متعلق بيقع: أي إنما يقع الطلاق بصريح الخ، وهو شروع في بيان الصيغة التي هي أحد أركانه وهي لفظ يدل على فراق إما صريحا وهو ما لا يحتمل ظاهره غير الطلاق وألفاظه خمسة: طلاق، وفراق، وسراح، وخلع، ومفاداة، كما قال ابن رسلان في زبده:
صريحه سرحت أو طلقت خالعت أو فاديت أو فارقت وإنما كانت صريحا لاشتهارها في معنى الطلاق وورودها في القرآن مع تكرر بعضها فيه وإلحاق ما لم يتكرر منها بما تكرر. وحكمه أنه لا يحتاج إلى نية إيقاع الطلاق به لأنه لا يحتمل غير الطلاق، فلا يتوقف وقوع الطلاق فيه على نية إيقاعه، بل يقع وإن نوى عدمه. نعم: لا بد من قصد اللفظ مع معناه عند عروض صارف اللفظ عن معناه كنداء من اسم زوجته طالق بقوله لها: يا طالق، فإن كان قاصدا لفظ الطلاق مع معناه وقع الطلاق، وإلا بأن قصد النداء أو أطلق لم يقع.
ومثله في ذلك حكاية طلاق الغير وتصوير الفقيه. وإما كناية وهي كل لفظ احتمل ظاهره غير الطلاق، ولا تنحصر ألفاظها.
وحكمها أنها تحتاج إلى نية إيقاع الطلاق بها. قال ابن رسلان:
وكل لفظ لفراق احتمل فهو كناية بنية حصل (قوله: وهو) أي الصريح في الطلاق. وقوله ما لا الخ: أي لفظ لا يحتمل ظاهره معنى غير الطلاق (قوله: كمشتق طلاق الخ) أي وأما الطلاق وما بعده ففيه تفصيل يشعر به كلامه، وهو أنه إن وقع مفعولا أو فاعلا أو مبتدأ فصريح، وإلا فكناية (قوله: ولو من عجمي) أي ولو صدر مشتق الطلاق من عجمي فإنه يقع طلاقه به. وقوله عرف أنه موضوع الخ:
الجملة صفة لعجمي أي عجمي موصوف بكونه عرف أن هذا اللفظ موضوع لحل عصمة النكاح الذي هو معنى الطلاق، وهو قيد لا بد منه. وخرج به ما لو تلفظ به وهو لا يعرف ذلك فإنه لا يقع طلاقه. وعبارة المنهاج مع التحفة: ولو لفظ عجمي به أي الطلاق بالعربية مثلا إذ الحكم يعم كل من تلفظ بغير لغته ولم يعرف معناها لم يقع كمتلفظ بكلمة كفر لا يعرف معناها ويصدق في جهله معناه للقرينة، ومن ثم لو كان مخالطا لأهل تلك اللغة بحيث تقضي العادة بعلمه به لم يصدق ظاهرا ويقع عليه، وقيل إن نوى معناها عند أهلها وقع لأنه قصد لفظ الطلاق لمعناه وردوه بأن المجهول لا يصح
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»
الفهرست