إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ١ - الصفحة ٢٨٤
العبادات تختلف أفضليتها باختلاف أحوالها وفاعليها، فلا يصح إطلاق القول بأفضلية بعضها على بعض، كما لا يصح إطلاق القول بأن الخبر أفضل من الماء، فإن ذلك مخصوص بالجائع والماء أفضل للعطشان، فإن اجتمعا نظر للأغلب.
فتصدق الغني الشديد البخل بدرهم أفضل من قيام ليلة وصيام ثلاثة أيام لما فيه من دفع حب الدنيا، والصوم لمن استحوذت عليه شهوته من الأكل والشرب أفضل من غيره. اه‍. (قوله: والخلاف في الاكثار إلخ) أي أن الخلاف بين كون الصلاة مثلا أفضل أو الصوم مثلا أفضل مفروض فيما إذا أراد مثلا أن يكثر من الصوم ويقتصر على الآكد من الصلاة أو العكس. فهل الأفضل الأول أو الثاني؟. فمنهم من جنح إلى الأول، ومنهم من جنح إلى الثاني، وأنت خبير بأن ما ذكره لا يظهر إلا بين الصلاة والصوم، أما بينهما وبين غيرهما من الزكاة والحج فلا يظهر، إذ الزكاة ليس فيها آكد وغيره حتى يصح أن يقال يكثر من الصلاة مثلا مع الاقتصار على الآكد من الزكاة، أو يكثر من الزكاة مع الاقتصار على الآكد من الصلاة مثلا. ومثلها الحج، ويدل عليه اقتصاره على الصوم والصلاة في قوله: وإلا فصوم يوم أفضل من ركعتين. ثم رأيت عبارة الدميري صريحة فيما قلناه، ونصها: قال المصنف: وليس المراد من قولهم: الصلاة أفضل من الصوم، أن صلاة ركعتين أفضل من صوم أيام أو يوم، فإن صوم يوم أفضل من ركعتين، وإنما معناه أن من أمكنه الاستكثار من الصوم ومن الصلاة وأراد أن يستكثر من أحدهما ويقتصر من الآخر على المتأكد منه فهذا محل الخلاف، والصحيح تفضيل جنس الصلاة. اه‍. ومثلها عبارة شرح الروض فانظرها. نعم، يتجه أن يقال بالنسبة للنسك لو أراد أن يصرف الزمن الذي يريد أن يشتغل فيه بالنسك تطوعا في الصلاة أو الصوم، فهل الأفضل ذلك أو الأفضل اشتغاله بالنسك مع اقتصاره على الآكد من الصلاة أو الصوم؟. فعلى أنهما أفضل منه كان الاشتغال بهما أفضل، وعلى أنه أفضل منهما كان الاشتغال به أفضل. بقي ما إذا تساوى الصوم والصلاة في الكثرة فمقتضى ما تقدم أن هذه الصورة ليست محل الخلاف وأن الصلاة أفضل من الصوم. وقوله: مع الاقتصار على الآكد قال سم: ومنه الرواتب غير المؤكدة، ومن ثم عبر بالآكد دون المؤكد، فليتأمل. اه‍. (قوله: وإلا فصوم إلخ) أي وإن لم يكن الخلاف مفروضا في الاكثار من أحدهما مع الاقتصار على الآكد من الآخر، بأن جعل بين الصلاة من حيث هي والصوم من حيث هو فلا يصح، لان صوم يوم أفضل من صلاة ركعتين بلا شك. (قوله: وصلاة النفل قسمان) أي ذات قسمين، وإلا لم يصح الاخبار. (قوله: قسم لا تسن له جماعة) أي دائما وأبدا بأن لم تسن له أصلا، أو تسن في بعض الأوقات كالوتر في رمضان. قال في النهاية: ولو صلى جماعة لم يكره. اه‍. ونقل ع ش عن سم أنه يثاب عليها. وقال ح ل: لا يثاب عليها. قال البجيرمي: واعتمد شيخنا ح ف كلام ح ل. اه‍. (قوله: كالرواتب) تمثيل للذي لا تسن فيه جماعة، أي وكالوتر وصلاة الضحى وتحية المسجد. وقوله:
التابعة للفرائض أي في المشروعية، فيشمل القبلية والبعدية، فهي تابعة لها في الطلب حضرا وسفرا. (قوله:
وهي) أي الرواتب. (قوله: آنفا) بمد الهمزة بمعنى الزمن الذي يقرب منك. سواء كان سابقا أو لاحقا، كما نص عليه ش ق في باب الغسل، وعبارته: وآنفا بمد الهمزة بمعنى قريبا، وتطلق على السابق واللاحق. اه‍. وعبارة القاموس: وقال: آنفا كصاحب وكتف، وقرئ بهما، أي مذ ساعة، أي في أول وقت يقرب منها. انتهت. وقوله في أول وقت يقرب منها سواء كان ماضيا أو مستقبلا، فلا ينافي ما مر. (قوله: الثابتة في السنن) أي سنن أبي داود والنسائي وابن ماجة والترمذي، وقد نظمهم بعضهم في قوله:
أعني أبا داود ثم الترمذي * * كذا النسائي وابن ماجة فاحتذي (قوله: أربع ركعات قبل عصر) أي لخبر: رحم الله امرءا صلى قبل العصر أربعا وله جمعها بإحرام واحد، وسلام كذلك بتشهد أو تشهدين. وفصلها بإحرامين وسلامين، وهو الأفضل. (قوله: وأربع قبل ظهر إلخ) وذلك لخبر:
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»
الفهرست