قلت: هكذا نص عليه الشافعي والأصحاب، وخالفهم صاحب الحاوي فقال بعد حكايته نص الشافعي والأصحاب: الصحيح عندي أنه قذف صريح، ثم استدل له. وأما الجمهور فقالوا: هذا ظاهره نسبة الناس كلهم إلى الزنا،، وأنه أكثر زنا منهم، وهذا متيقن بطلانه، قالوا: ولو فسر وقال: أردت أن الناس كلهم زناة، وهو أزنى منهم، فليس بقذف لتحقق كذبه. ولو قال: أردت أنه أزنى من زناتهم، فهو قذف له. والله أعلم.
ولو قال: أنت أزنى من فلان، فالصحيح أنه ليس بقذف إلا أن يريده. وعن الداركي أنه قذف لهما جميعا. ولو قال: زنا فلان وأنت أزنى منه، فهو صريح في قذفهما. وعن ابن سلمة وابن القطان، أنه ليس بقذف للمخاطب، والصحيح الأول. وكذا لو قال: في الناس زناة وأنت أزنى منهم، أو أنت أزنى زناة الناس.
ولو قال: الناس كلهم زناة وأنت أزنى منهم، قال الأئمة: لا يكون قاذفا له لعلمنا بكذبه. قالوا: وكذا لو قال: أنت أزنى من أهل بغداد إلا أن يريد، أنت أزنى من زناة أهل بغداد. ولو قال: أنت أزنى من فلان، ولم يصرح في لفظه بزنا فلان، لكنه كان ثبت زناه بالبينة أو الاقرار، فإن كان القائل جاهلا به، فليس بقاذف، ويصدق بيمينه في كونه جاهلا، ويجئ فيه وجه الداركي. وإن كان عالما به، فهو قاذف لهما جميعا، فيحد للمخاطب، ويعزر لفلان، ويجئ في قذف المخاطب وجه ابن سلمة وابن القطان.
فرع قال لزوجته: يا زانية، فقالت: بل أنت زان، فكل واحد قاذف لصاحبه، ويسقط حد القذف عنه باللعان، ولا يسقط عنها إلا بإقراره أو ببينة.